وفي خامس عشرى شوال استعفى فخر الدين الأُستادار من الوزارة، فقرّر فيها أرغون شاه -وكان أُستادار نوروز بالشام- في السادس والعشرين من شوال، فباشر الوزارة بحرمة وصوْلة، وقَدّم الأُستادار للسلطان -عند قدومه من السفر- أربعمائة ألف دينار عينا وثمانية عشر ألف إردب غَلَّةٍ تحصّلها من ديوان الوزارة بعد التكفية في هذه المدّة اللطيفة، وثمانين ألف دينار جباها من النواحي، وثلاثين أَلف دينار مِن ماله هو، وكان حمَلَ إلى الشام قبْل ذلك مائة ألف دينار؛ فاستعظم السلطانُ ذلك وتقرّر عنده أنه لا نظير له في المباشرة ولم يَسمع فيه بعد ذلك لوم لائم، فعوجل فخرُ الدين عن قُرْبٍ ولم ينفعْه ما ظلم الناسَ به.
وفي يوم الثلاثاء من شوّال أُدِيرَ المحمل وقُرِّر أميرَ الحج يشبك الدويدار الثاني، ولم تكن العادةُ بإدارته إلَّا يوم الاثنين أو الخميس، واتَّفق أنَّ أمير الركب هذا لمّا بلغه ما وَقع لأخيه أقباى نائب الشام خشى على نفْسه فهرب من المدينة بعد الرجوع فقام بأَمْر الحاج أسنبغا الفقيه إلى أن وصلوا القاهرة. وأخبر الحاجُّ أن السنة كانت عليهم شديدة الرخص حتى بيع الحِملُ الدقيق بستة دنانير، ويقال إنه استقام على الذي جلَبه بإثنى عشر.
وفي الرابع والعشرين من شوّال خرج أقباى ومَن بالقلعة من المسجونين، فخرج نائب القلعة في إثره إلى باب الحديد، وركب نائبُ الشام فأَغلق أَقباى باب القلعة واعتصم بها وحاصره تَنْبك ميق وراسلَ السلطانَ بذلك، واستمر ذلك يومين فوُشي إلى النَّائب أن أقباى قد خرج في النهر ومشى فيه إلى طاحون باب الفرج فقبض عليه هناك وعلَى بعض أصحابه، فعوقِبَ عقوبةً شديدة على صنيعه ثم قُتِل بأَمر السلطان، وقدم برأْسه في الثاني من ذى الحجة؛ وقُرِّر فى نيابة القلعة شاهين الحاجب الثاني، وقُرِّر في الحجوبية -عوضه- كمشبغا طولو، وقُرِّر فى تقدمة التركمان عوضه شعبان بن اليغمورى أُستادارًا لديوان المفرد بدمشق.
* * *
وفى هذا الشهر انحلّ سعر عامّة المبيعات من الغلال وغيرها، وكان في الظَّنّ أن يغلو