فكانت في غاية الحُسْن، وكان الموْت فى جمال الحاجّ كثيرًا، فتضرّرت طوائف من الحاج وغلا السّعر معهم.
وفي أواخر المحرّم صُرِف منكلى بغا عن الحسبة وأُعيد محمد بن يعقوب.
وفي صفر توجّه فخرُ الدين الأُستادار إلى الوجْه البحرى فأسْعرهُ نارًا من كثرة المصادرات، حتى فَرَض على كلّ قريةٍ وبلدٍ وكَفْرٍ ذهبًا معيّنا فحصله في أَسرع مدّة، وَمَنَع مَن بيده رزقه مِن قَبْض خراجها وكان ذلك شيئًا عظيما، إلّا أنّه رجع عن ذلك واستقوى على المستضعفين وتتبّع مَن يُعرَف بالمال بالوجْه البحرى فبالغ في استخلاص الذهب منهم بالمصادرة والرّماية وغير ذلك.
وفي ربيع الأَول ابتدأ فخرُ الدين الأُستادار بهدْم الأماكن التي بظاهر المقْس إلى قنطرة الموسكى إلى ما يقابل دارَه الجديدة التي كانت تُعرف بدار بهادر الأَعْسر وكانَتْ تعرف قديمًا بدار الذهب وهى مطلَّة على الخليج الحاكمي، فشرعوا في الهدم ونقْل التراب، فدخل في ذلك من الدور والمساجد والحوانيت ما يكون قدْر مدينة كبيرة، وأراد أن يعمل ذلك بستانًا كبيرًا فشرع فيه وأَجْرى إليه الماء بعد وفاءٍ النِّيل من الخليج النَّاصري، ومات قبل أن يتم ما أَراد من ذلك، فصارت تلك النَّواحي كيمانًا مهولةً بالأتربة.
وفى حادى عشر ربيع الأول قدم فخرُ الدين من الوجْه البحرى.
وفيه تهدّمت الدور التي أُحْدِثت فوق البرج الذي يجاور باب الفتوح واتُّخِذَ هناك مكان، وأمر السلطانُ بحبْس أُولى الجرائم فيه عوضًا عن خزانة شمائل.
وفيه كثُر الإرجاف بمجئ الفرنج فشرع أَهل الإسكندرية في حفْر الخندق واستعدّوا لذلك.
* * *
وفيه شرع فخرُ الدين فى التجهيز إلى جهة الصعيد ليفعل فيها ما فعل في الوجه