للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في شيء، فنَقل الهروى نقلًا باطلًا وعزاه لتفسير الثعلبي، فاستشهد الديرى بمن حضر على ذلك وجمع التفاسير وأَحضرها ليطلع بها إلى القلعة، فاتّفق حضور السلطان بالجامع، فأَعاد البحث فأَخرج النقل بخلاف ما قال الهروى فجحد فاستشهد عليه من حضر فلم يشهد أَحد، فسأَل السلطانُ مِنَ الفقير إلى الله تعالى كاتِبهِ ومن القاضي المالكي عن حقيقة ذلك فأَخبراه بصدق ابن الديرى، ثم أَخرج ابن الديرى عدة فتاوى بخط الهروى كلها خطأ، فجحد (١) أَن يكون خطه، فحلف الديري بالطلاق الثلاث أَن بعضها خطه، وانفصل المجلس على أَقبح ما يكون.

* * *

وفى ثالث جمادى الآخرة وُشِى إلى السلطان بالأمير جقمق الدويدار وأَنه مخامرٌ على السلطان، وأَنه يكاتب قرا يوسف منذ كان السلطان بكخْتا، وكان الواشي بذلك رجل يقال له ابن الدربندي، وكان قد اتصل بالسلطان من الطريق فجهزه إلى الحج بحسب سؤاله، فلما رجع ادعي أَنه ينصح السلطان وأَن جقمق استدعاه ليرسله برسالة إِلى قرا يوسف جوابا عن كتابٍ حضر إليه، فأَعلن السلطانُ جقمقَ بذلك ولم يسمّ له الناقل، فقلق قلقا عظيما وكاد أَن يموت غما، واستعطف السلطان حتى أَعلمه بالناقل فطلبه منه فسلّمه له، فاعترف بأَنه كذب عليه بتسليط بعض الأُمراء عليه، وأَحضر من بيته وتدا مجوّفًا بالحديد من رأْسه، في طيّه كتاب رق لطيف مكتوب بالفارسية بماءِ الذهب جوابا عن الأَمير جقمق لقرا يوسف، فطلب جقمق الخياطين وأَراهم الوتد فعرَفه بعضُهم وقال: "نعم أَنا خرطت هذا لشخص عجمى ولم يعطنى أُجرته إلى الآن! " فأحضر المذكور وعَرَفه، ثم تتبعوا من يكتب بالعجمى واتهموا الشيخ نصر الله إلى أَن ظهرت براءَة ساحته، وعُثر على عجمي كان ينزل في مدرسة العنتابي ثم مرض فحمل إلى المارستان فهُدّد فاعترف أَن الكتاب بخطه وأَن ابن الدربَنْدِي هو الذي أَملاه عليه، وادعى ابن الدربَنْدِي أَن الذي أَلجأَه إِلى ذلك الأَمير أَلْطَنْبُغَا الصغير بُغْضًا منه في جمقق، فغُرِّق الدربندي في النيل ونفى الشيخ


(١) يعنى بذلك الهروى.