شراباً مذاباً بالماء على العادة، فمات الأربعة في الحال عقب ختنهم، فاستراب أبوهم بالمزين وظن أن مبضعه مسموم فجرح المزين نفسه ليبرئ ساحته فانقلب فرحهم عزاء، ثم ظهر في الزير الذي كان يذاب فيه الشراب حية عظيمة ماتت فيه وتمزقت فكانت سبب هلاك الأطفال - ولله الأمر.
وفي التاسع عشر من شهر رجب وشى الشيخ شرف الدين بن التباني بناظر الكسوة زين الدين عبد الباسط بأنه خالف شرط الواقف في عمل الكسوة، فعقد له بسبب ذلك مجلس وأحضرت الكسوة، فسأل السلطان القضاة: هل يجوز أن يعمل في الكسوة هذا الذهب والزخرفة مع أن شرط الواقف أن يفرق ما فاض من المال بعد عمل الكسوة على العادة في وجوه البر، فتعصب الشافعي لعبد الباسط وقال: هذا من وجوه البر، فنازعه الحنبلي في ذلك، فلم يصغوا واستمر الحال.
وفي شعبان تزايد ألم السلطان ثم عوفي وركب إلى بركة الحجاج وأجرى الخيل هناك وسابق بينهما بحضرته، ثم ركب إلى بركة الحبش وسابق بين الهجن.
وفيه سرق الإفرنج رأس مرقص أحد من كتب الأناجيل الأربعة من الإسكندرية وكانت موضوعة في مكان، ومن شأن اليعاقبة من النصارى أن لا يولوا بطركا حتى يمضي إلى الإسكندرية ويوضع هذه الرأس في حجره ثم يرجع، ولا تتم هذه البطركية إلا بذلك، فتحيل بعض الفرنج حتى سرقها من الإسكندرية، فاستعظم النصارى اليعاقبة ذلك ووقفوا للسلطان بسبب ذلك، وحج بالناس في هذه السنة التاج الوالي.
وفي رمضان ثارت بالملك الناصر أحمد صاحب اليمن سوداء فاختل عقله واعتقل، وأقيم في الملك عوضاً عنه أخوه حسين بن الأشرف، وأعانه على ذلك الأمير محمد بن زياد الكاملي، وكان الغلاء يومئذ ببلاد اليمن شديداً، ووقع عليه جراد أهلك زروعهم.