للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك، فمشى قرايلك إلى ماردين - وهي من بلاد قرا يوسف - فكسر عسكرها وقتل منهم نحوا من سبعين نفسًا وأَخذ من بلادهم ثمانى قلاع ومدينتين، وحوَّل أَهل اثنتين وعشرين قرية بأَموالهم وعيالهم ليسكنوا ببلاده، واستمر على حصار ماردين.

فلما بلغ ذلك قرا يوسف إنزعج منه وسار إِليه ففرّ منه إِلى آمد فتتبّعه ونازله بها فانهزم منه إِلى قلعة بحم، وأَرسل إِلى نائب حلب يستأْذنه في الدخول إِليها، فاشتد الأَمر على أَهل حلب خوفًا من عسكر قرا يوسف وتهيئوا للخروج منها، وأَرسل نائب حلب كتابه وكتاب قرايلك بما اتَّفق من قرا يوسف، وفيه أَن قرا يوسف كبس قرايلك بعد أَن عدى الفرات ووصل إلى نهر المرزبان فهجموا عليه من سميساط، فوقعت بينهم مقتلةٌ بمرج دابق في ثاني عشر شعبان، فانهزم قرا يلك ونُهبت أَمواله ونجا في أَلف فارس إِلى حلب، فأَذن له نائبها في دخولها فرحل أَكثر أَهل حلب عنها، وبلغ ذلك أَهلَ حماة فنزحوا عنها حتى ترك كثير من الناس حوانتيهم مفتحة لم يُمْهَلُوا لقفلها.

فلما قرئ ذلك على السلطان إِنزعج وانثنى عزمه عن الحج وأَمر بالتجهيز إلى الشام، وكتب إِلى العساكر الإِسلامية بالمسير إِلى حلب، وكان وصول الخبر بذلك في يوم الاثنين ثالث شعبان بعد المغرب على يد بردبك نائب عينتاب، وذكر أَن ولد قرا يوسف وصل إلى عينتاب فرمى فيها النار فهرب النائب منها، وأَن السبب في ذلك تحريض يَشْبُك الدويدار الذي كان أَميرَ الحاج وهرب (١) من المدينة، ويقال إِنه اتصل بقرا يوسف وأَغراه على أَخذ الممالك الشامية، ثم ظهر أَن ذلك ليس بحق.

فلما اجتمعوا سأَلهم عن البلقيني - وكان قد أَمرهم بأَن يحضر - فعرف بأَنه لم يبلغ ذلك، فانزعج على بدر الدين العينى لكونه كان رسوله إِليه واستمر ينتظره إلى أَن حضر، فلما حضر عظمه فقص عليهم قصة قرا يوسف وما حصل بأَهل حلب من الخوف والجزع وجَفْلتهُم هم وأَهل حماه حتى بلغ ثمن الحمار خمسمائة درهم والأَكديشِ خمسين دينارا، ثم ذكر لهم سوءَ سيرة قرا يوسف وأَن عنده أَربع زوجات، فإذا طلق واحدة رفعها إلى قصر له وتزوج غيرها حتى بلغت عدة من في ذلك القصر أَربعين امرأَة يسميهن السراري ويطأَهُنّ


(١) راجع ما سبق، ص ١٣٥.