فتوجهوا، وكان نائب الشام تانى بك العلائي ضعيفا فتأَخر بدمشق، وبلغ تغرى بردى الخبر فاضطربت أَحواله وأراد الفرار فقام عليه أَهل القلعة وأَهل البلد وقاتلوه فهرب على وجهه بغير قتال، فوصل إلى العمق فاجتمع بكزل تحت حارم، وكان قد أَرسله قبل ذلك ليجمع له التركمان، فرجع وقد جمع عونا فأَشار بأَن يطرق أَهل حلب بغتة، فلما هجموها بادر أهل البلد فصدوهم عن ذلك ورموهم بالحجارة وناوشوهم القتال واجتمعوا عليهم وقد نزلوا ليلا فوقع عليهم مطر عظيم بحيث تفرق جمعه، فخاف على نفسه فولي راجعا إلى جهة الشمال واتفق له ذلك كله والأُمراء الذين تجهزوا من الشام لقتاله قد وصلوا إلى المعرة، فجدوا في السير إلى أَن دخلوا حلب فلبس تانى بك خلعة النيابة ونزل بدار العدل ثم انتخب عسكرا وتوجه في أَثر تغرى بردى إلى جهة كركر؛ وانقضت هذه السنة على ذلك.
ومن الحوادث في غيبة العسكر توجه قانيباى الحمزاوى إلى لصعيد الإصلاح أمرها ورجع إلى القاهرة في مستهل جمادى الآخرة.
* * *
وفيها اجتمع أهل الشيخونية فالتمسوا من نائب الغيبة أن لا ينفصل عنهم شمس الدين القرشي من التحدث في أوقافهم، وكان إينال رأس نوبة قد أقامه فأَحسن التدبير وقرر الأُمور، فلما ورد الخبر باستقرار إينال في نيابة حلب تعصب قوم للشيخ شرف الدين التبانى شيخ المكان؛ وكان القرشي قد ضيق عليه ومنعه من التصرف، فأَغرى به أَهل الشيخونية وتعصبوا للقرشي فأَعاده الحمزاوى فأُوقدت له الشموع وحضر وقت المغرب ووعدهم بالجميل، وغضب الشيخ شرف الدين من ذلك فصرف عنهم القرشي.
واستقر تقى الدين بن حجة - موقع الدست - مكانه، فلما استقر قصروه رأْس نوبة أَعاده القرشي فقام أهل الشيخونية وكتبوا على الشرف التبانى محضرا بأَنه لا يحسن المباشرة وغير ذلك.
* * *
وفى يوم الاثنين الرابع من شعبان نودى على النيل بثلاثين إصبعا فتراجع النيل