للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لي قبل أَن يتسلطن في ليلة المولد النبوى في ربيع الأَول من هذه السنة أَنه كان في آخر الدولة المؤيدية في الليلة التي مات في صبحها المؤيّد قد ضاقتْ يده لكثرة ما كان يصرف قلة متحصّله، حتى إنَّ شخصا قدّم له مأْكولًا فأَراد أن يكافئه عليه فلم يجد في حاصله خمسة دنانير إلى أَن أَرسل يقترضها من بعض خواصّه وكلهم يحلف أنه لا يقدر عليها إِلى أَن وجدها عند أَحدهم فلم يكن بين ذلك وبين أَن استولى على المملكة بأَسرها وعلى جميع ما في الخزائن السلطانية التي جمعها المؤيّد سوى سبعة أَيام، وأَمرني أن أكتب هذه الواقعة في التاريخ فإنها أُعجوبة.

ولما وصل إلى دمشق للقبض (١) على أَلطنبغا القرمشي ومَن معه قرر في نيابة حلب إِينال الساقي، ثم لما قدم حلب أقام بها أربعين يومًا أو أَكثر، وقرّر في نيابتها تغرى بردى من قصروه، وبَعْد السلطنة نقل تانى بك البجاسي من نيابة حماة إلى نيابة طرابلس وقرّر في نيابة حماة جار قطلى (٢).

٨ - عبد الله بن محمد بن عمر بن أَبي بكر بن عبد الوهاب بن علي بن نزار الظفاري، عفيف الدين، كان جدّه الأَعلى عبد الوهاب انتزع ظفار من يد الجواد أبي بكر بن إبراهيم بن المنصور عمر بن على بن رسول واستمر في ملكها، وتناوبها أَولاده إلى أَن حاربهم على بن عمر بن كثير الكنزى فانهزم عبد الله وأَخوه أَحمد، فأَمّا أَحمد فانقطع خبره، وأَما الله عبد فاستمر يتنقَّل في البلاد إلى أن دخل مكة ثم دخل القاهرة


(١) في هامش ث: "استقر (أي ططر) في السلطنة يوم الجمعة تاسع عشرين شعبان بدمشق ومات يوم الأحد خامس ذي الحجة فمدة سلطنته خمسة وتسعون يوما ودفن بالقرافة".
(٢) جاء التعليق التالي في هامش ث: "قال شيخ الإسلام العيني في تاريخه في ترجمة عطر الظاهري وهي أن كتاب القدوري في فقه الحنفية بلغة الترك من غير أن يتغير شيء من معناه ولما ولى التحدث في أمر المملكة أعطى الأمراء والمماليك ما كانوا يطلبونه من المال ولم يتوقف معهم ففرق خزائن المؤيد في مدة نصف سنة ما كان المؤيد قد جمعه في عشر سنين ولم يبق شيئا في الخزانة وكان يقول: إن ظفرت فالمال يحصل وإن كان غير ذلك فلا ينفعني أن أترك شيئا لمن يجيء يأخذه بعدى. وكان يقول في ضعفه: أنا رأيت في منامي أني أصل إلى هذه المنزلة وأتولى السلطنة ولكن لا أعلم هل تطول مدتى أم لا، فكانت مدته ثلاثة أشهر وكان عند سفره إلى الشام أمر أن يحفر قبره قرب رأس الإمام الليث بن سعد فاتفق أنه حين رجع اشتد ضعفه ومات فدفن به وهذا من الأمور الغريبة، رحمه الله تعالى".