عليهما أو منهما فأمر الدويدار الكبير بقطع أكمامهما وتجربسهما بالقاهرة ماشيين وتألم الناس لذلك، وقيل إنهما كانا مظلومين، وتوجه ابن المؤيد إلى القدس خجلا من الناس.
وفي ثامن عشري صفر عقد مجلس بسبب الفلوس، فاستقر الأمر فيها على تمييزها مما خالطها كما سيأتي، ونودي على الفلوس أن الخالص بسبعة كل رطل، والمخلوطة كل رطل بخمسة دراهم، وحصل بين الباعة بسبب ذلك منازعات.
ثم في أواخر رمضان نودي على الفلوس المنقاة بتسعة وبمنع المعاملة من المخلوطة أصلاً، فسكن الحال ومشى.
وفيه عزز فخر الدين عثمان المعروف بالطاغي خازن كتب المدرسة المحمودية بالموازينين ظاهر القاهرة فضرب بين يدي السلطان، وكان قد رفع عليه أنه فرط في الكتب الموقوفة وهي من أنفس الكتب الموجودة الآن بالقاهرة، لأنها من جمع القاضي برهان الدين ابن جماعة في طول عمره فاشتراها محمود من تركة ولده ووقفها وشرط أن لا يخرج منها شيء من المدرسة واستحفظ لها إمامه سراج الدين، ثم انتقل ذلك لعثمان المذكور بعد أن رفع على سراج الدين المذكور أنه ضيع كثيراً منها، فاختبرت فنقصت نحو مائة وثلاثين مجلدة، فعزل سراج الدين وقرر عثمان، فاستمر يباشر ذلك بقوة وصرامة وجلادة وعدم التفات إلى رسالة كبير أو صغير حتى أن أكابر الدولة وأركان المملكة يحاوله الواحد منهم على عارية كتاب واحد وربما بذلوا له المال الجزيل فيصمم على الامتناع حتى اشتهر بذلك، فرافع عليه شخص من الناس أنه يرتشي في السر، فاختبرت العشر سواء، لأنها كانت أربعة آلاف مجلدة فنقصت أربعمائة، فالتزم بقيمتها فقومت بأربعمائة دينار فباع فيها موجوده وداره وتألم أكثر الناس له، ولم يكن عيبه سوى كثرة الجنف على فقراء الطلبة وإكرام ذوي الجاه.