للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سافلاً أولاً ثم أكثر من ذلك حتى انصقل قليلاً ونظم نظماً وسطاً، ومن نظمه لما عزل البلقيني بالهروي واتفقت الزينة للمحمل فعلق شخص يسمى الترجمان على باب داره بالجنميين حماراً بسرياقات على رؤوس الناس بأحسن هيئة وتردد الناس للفرجة عليه فقال:

أقام الترجمان لسان حال ... عن الدنيا يقول لنا جهارا

زمان فيه قد وضعوا جلالاً ... عن العليا وقد رفعوا حمارا

ثم أقبل على ثلب الأعراض وتمزيقها بالهجو المقذع، ونظم أرجوزة في العربية وأرجوزة في العروض، وتعلق على توقيع الحكم فقرر به، ثم عمل نقيب الحكم - بمصر، ثم استقر في الحسبة بمال وعد به، ثم ارتكبه الدين بسبب ذلك ففر من مصر في سنة إحدى وثمانمائة، ودخل اليمن فمدح ملكها فاعجبه، وأثابه، ومدح أعيانها وتقرب منهم، ثم انقلب يهجوهم كعادته، فأمر السلطان الملك الناصر أحمد بن الأشرف إسماعيل بنفيه إلى الهند فأركب في المراكب الواصلة من تانة واقام بها وأكرم، ثم عاد إلى طبعه فأخرج منها - وقد استفاد مالاً فأصيب بعضه، ورجع إلى اليمن فلم يقم بها، وتوجه إلى مكة فأقام بها مدة طويلة، وأظهر بها من القبائح ما لا يحمل ذكره ونصب نفسه غرضاً للذم، وتزوج جارية من جواري الأشرف يقال لها خود، فاتخذها ذريعة إلى ما يريده من الذم والمجون وغير ذلك، فصار ينسب نفسه إلى القيادة والرضا بذلك لتعشقه فيها - إلى غير ذلك، وكان فيه تناقض فإنه يتماجن إلى أن يصير أضحوكة، ويتعاظم إلى أن يظن أنه في غاية التصون، وكان شديد الإعجاب بنظمه، لا يظن أن أحداً يقدر على نظيره، مع أنه ليس بالفائق بل ولا جميعه من المتوسط بل أكثره سفساف كثير الحشو عري عن المعنى البديع،

<<  <  ج: ص:  >  >>