للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان قد دخل الشام وأَخذ عن أُدبائها ثم قدم القاهرة فاستوطنها من سنة تسعين، ولم يكن نظمه بقدْر دعواه إلَّا أَنَّ ابن خلدون كان يطريه ويشهد له بأَنه أَشعر أَهل العصر بعد ابن خطيب دَارَيَّا؛ وكان الأَسوانى يشارك في لغةٍ وقليلٍ من العربية وما علمتُه وَلِىَ شيئًا من الوظائف.

وقد حضر عندي في إملاء: " [فتح البارى في] شرح البخاري"، وأَملى على الطلبة من نظمه أَبياتًا في معرفة أَسواق العربية في الجاهلية وهي رجز، وسمعْتُ من نظمه قصيدةً مدح بها المؤيّد لمّا تسلطن بعناية الآدمى فغضَّ منه البارزى، وكان يجتدى بشعره ويقلّد من يسمعه منه؛ ومن عنوان نظمه قوله:

إنَّ ذَا الدَّهَّر قَدْ رَماني بقَوْمٍ … هُمْ علَى بَلْوَتى أَشدُّ حَثيثَا (١)

إنْ أَفُهْ بَيْنَهُمْ بِشيءٍ أَجِدْهُمْ … لا يَكَادُونَ يَفْقَهُون حَدِيثا

واتفق بآخره أَنه مدح أَبا فارس صاحب تونس فأَرسل إليه بِصِلَةٍ قيل إنها مائة دينار فقبضها وهو موعوك فنزل بالمرستان فطال ضعفه ثم عوفى، فذكر لبعض أَصحابه أَنه كان دفنها هي وغيرها في مكانٍ فلما رجع ووجدها جعلها في مكان آخر وانتكس فضعف أَيامًا يسيرة ومات بالمرستان ولم توجد الذهبية المذكورة ولا غيرها. مات في ربيع الأَول وقد جاوز الستين.

٢٢ - عمر بن محمد الصَّفَدى النَّيْني (٢) - بنون مفتوحة ثم ياء تحتانية ثم نون - زين الدين، اشتغل قديما ومهر حتى صار يكاد يستحضر "الكفاية" لابن الرفعة، وأخذ عن علاء


(١) ورد هذا البيت في شذرات الذهب ٧/ ١٧٥ على الصورة التالية:
إن دهرى لقد رماني بقوم هم … على بلوتى أشد حثيثا
وهو صحيح أيضا من حيث الوزن، ولكنه سقيم التركيب.
(٢) نسبة إلى نين من أعمال مرج بني عامر من نواحي دمشق، انظر الضوء اللامع ج ١١ ص ٢٣٢، هذا وقد سماه نفس المرجع ٦/ ٣٧٧ بعمر بن أبي بكر، وسمته الشذرات ٧/ ١٧٥ بعمر بن عمر بن محمد الصفدي.