للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان في أَول ذي القعدة اجتمع الحنفى بالسلطان وقرر معه أن يُنْفَى إلى بعض البلاد الحلبية، ثم أَرسلَ ناظرُ الجيش في خامس ذى القعدة إلى التفهني وكَاتِبِه فأَصلح بينهما وأَرسل لكل منهما بغلة.

* * *

وفى الثانى من ربيع الأَول قُرر جمال الدين يوسف السَّمَرْقَنْدي في قضاء حلب عوضًا عن شمس الدين بن أَمين الدولة بحكم عزله، وكان هذا قدم في آخر دولة المؤيد فاعتنى به الظاهر ططر وهو أمير وأَعانه على الحج وقرّره في عدة وظائف بحلب، فتوجه إليها وباشرها إلى أَن وقع بينه وبين القاضي المذكور، فَرَتَّب عليه من يشهد عليه بما صدر منه وذلك بالمدرسة السَّاذجية بسوق النشاب، ففرّ خفية منها فقدم القاهرة فشكا حالَه للسلطان. فعزل القاضي وقرّره مكانه، فلما بلغ القاضيَ ذلك وصل إلى القاهرة فقام معه بعضُ الروُساء فما أَفاد وأَمر بَعْودِه إلى حلب بطالا.

وفى سابع ذى الحجة ثار جماعةٌ على المحتسب وهو القاضي بدر الدين العيني بسبب إهمالِ أَمر الباعة وشدّة غلاء الخبز مع رُخص القمح، ووقفوا للسلطان فلم يأْخُذ لهم بيد بل ضرب جماعةً منهم وهدّد جماعةً وحبس نحو العشرة، فعُدم الخبز من الحوانيت وتزاحموا على الأَفران، ثم تراجع الحال وكثر الخبز مع زيادة السعر في الشعير والقمح والفول. وكان ما سيأْتي ذكره في أَول السنة.

وفى الثالث والعشرين من ذى الحجة وصل المبشر من الحجاج وأَخبروا بالرّخاء الكثير في الحجاز،، وأَنَّه نودي بمكَّة أن لا يباع البهار إلَّا على تُجَّار مصر، وأن لا يكون البهار إلا بهارًا واحدًا، وأخبر بأن الوقفة كانت يوم الاثنين وكانت بالقاهرة يوم الأَحد، فتغيظ السلطان ظنا منه أن ذلك من تقصيرٍ في ترائى الهلال، فعرَّفه بعض الناس أَن ذلك يقع كثيرا بسبب اختلاف المطالع، وبلغنى أَن العينى شنَّع على القضاة بذلك السّبب، فلما اجتمعنا عَرَّفْت السلطان أن الذى وقع يقدح في عمل المكيين عند من لا يرى باختلاف المطالع حتى لو كان ذلك في رمضان للزم المكيّين قضاء يوم. فلما لم يفهم المراد سكن جأْشه.

* * *