للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خاصة وجعل له مدرسين خصوصيين منهم شمس الدين بن العلاف الذي صار محتسب مصر سنة ٧٩١ هـ وهو الذي أقرأه القرآن، وكذلك محمد بن السفطى، فلما كان رمضان سنة ٧٨٥ هـ (١) شخَص الخروبي إلى الحجاز وبصحبته أحمد، وجاورا بمكة مدة تقرب من السنة، وهنا أُتيحت لابن حجر الفرصة لمتابعة بعض الدروس الدينية تحت إشراف أول شيخٍ له في الحديث ونعني به عبد الله بن سليمان النشاورى (٢) الذي نعته اليافعي (٣) بأنه آخر أصحاب الرضيّ الطبرى، وكان النشاورى ممن يعتد بهم ويُعَوَّل عليهم في رواية الحديث، وقد تهيأَت الفرصة لابن حجر في هذه السنة التي أقامها بمكة مجاورًا - أن يحضر عليه "صحيح البخاري".

أما ثاني هذين الشيخين اللذين اختلف ابن حجر إلى دروسهما في مكة فهو جمال الدين بن ظهيرة (٤).

وقد أتم ابن حجر أثناء إقامته بمكة القرآن الكريم تلاوةً وحفظًا، وكان المأمول - وقد حفظ الكتاب الكريم - أن يصلِّيَ بالناس إماما سنّةً جرى عليها القوم آنذاك يوم يتم الفرد حفظه، غير أنه جدّ من الأمور ما حال بينه وبين ذلك الشرف، على أنه مما لا جدال فيه أن شخوصَه إلى مكة كان حافزًا له على التعلّق بدراسة الحديث والانكباب على استيعابه والتحقق من رجالاته وأسانيده، حتى أصبح "المحدث" و "الحافظ"، وما كاد يؤوب من بيت الله الحرام وقد استظهر كتاب الله الكريم ووعت ذاكرته "صحيح البخارى"، حتى حضر دروس سليمان بن عبد الناصر الأبشيطى (٥) الذي كان "جيد الاستحضار للعلم"، على حدّ قول ابن حجر ذاته عنه (٦).


(١) ابن حجر: الدرر الكامنة، ج ١ رقم ٥١٩.
(٢) ابن حجر: الدرر الكامنة، ج ٢ رقم ٢٢٢٩؛ وترجمة رقم ١٨ من وفيات سنة ٧٩٠ ص ٣٥٨ - ٣٥٩ في هذا الجزء من الإنباء، وابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب ج ٦ ص ٣١٣.
(٣) اليافعي: مراة الجنان، ص ٢٦٧ - ٢٦٩، وابن حجر: الدرر الكامنة، ج ٢ رقم ٢٢٢٩، والمعجم المفهرس، ورقة ٤٢ أ - ب، والسخاوى: الجواهر والدرر، ورقة ١٨ أ.
(٤) ابن حجر: المعجم المفهرس، ورقة ١٩٦.
(٥) السخاوى: الضوء اللامع ج ٣ رقم ١٠٠٣، وابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب ج ٧ ص ٩١.
(٦) راجع الإنباء، سنة ٨١١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>