للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بيد أن موت زكى الدين الخروبي عام ٧٨٦ هـ كان نكبةً عليه إذ فَقد العنايةَ التي كان يلقاها من وصيّه في حياة وصيه، وغبرت فترة ركود عاد بعدها ابن حجر - وقد بلغ السابعة عشرة من عمره - لمتابعة دراسته تحت إشراف وصيّه الثاني شمس الدين محمد بن القطان الذي درّس له الفقه واللغة والحساب (١).

* * *

عنى ابن حجر بالدرجة الأولى بدراسة الحديث وانصرف إليه انصرافا غير مجزوءٍ مدى عشر سنوات امتدت من سنة ٧٩٧ هـ حضر خلالها مجالس شيخيه وشيخَي عصره في هذا الفنّ: عبد الرحيم العراقى والبلقيني، وشيخه في الفقه: ابن الملقِّن.

أما البلقيني فهو عمر بن رسلان الكناني العسقلاني (٢) الذي كان يعدّ أبرز فقهاء عصره وضرب في هذا الفنّ بسهمٍ وافر حتى لقد استرعي انتباه اثنين من شيوخه هما تقى الدين السبكى المتوفى سنة ٧٤٤ هـ الذي يُجمع ثقات المؤرخين على أنه كان لا يجاري في هذا الميدان (٣)، أما الآخر فهو محمد بن أحمد بن عثمان بن إبراهيم بن عدلان (٤) الذي لم يقدّم الإسنوى عليه أحدًا. وقد أظهر البلقيني منذ سنٍّ مبكرةٍ أصالةً في حلّ المشكلات الفقهية على قواعد من المنطق حتى لقد اختاره ابن عقيل ليكون نائب الحكم عنه (٥)، كما أن ابن كثير جعله في مرتبة ابن تيمية.

وكان البلقيني ذا نزعة إصلاحية، ففي حوليات ذلك العصر إشاراتٌ صريحة لما كان له من فضلٍ في إلغاءِ بعض المكوس مثل ضمان المغانى زمن الأشرف شعبان (٦)، وقد خلّف البلقيني مؤلفات قلائل ولكنها ذات أهمية بالغة في الفقه لا يزال معظمها موجودًا، ويتجلى تقدير


(١) ابن قاضي شهبة: طبقات الشافعية (مخطوط بالمتحف البريطاني)، ورقة ١٩٥ ا، السخاوى: الجواهر والدرر، ورقة ١٠٨ ب.
(٢) وردت هذه النسبة في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة، ورقة ١٩٠ ا، ولحظ الألحاظ لابن فهد ص ٢٠٦، ٤. Brockelmann: Gesch. der. Ar. Lit.، II، p ، ولكنها لم ترد في الإنباء، ولا في ذيل السيوطي ص ٣٧، ولا في الشذرات، ج ٧ ص ٥١.
(٣) التذكرة للدمشقى ص ٥١، وذيل طبقات الحفاظ للسيوطي ص ٣٥٢، والشذرات لابن العماد، ج ٦ ص ١٨٠، وابن فهد: لحظ الألحاظ، ٢٠١.
(٤) ابن حجر: الدرر الكامنة ج ٣ رقم ٨٩١، والشذرات ج ٦ ص ١٦٤.
(٥) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة، ورقة ١٩٠ ب.
(٦) راجع الضوء اللامع للسخاوى، ج ٦ ص ٨٥ - ٨٦، ولحظ الألحاظ لابن فهد، ص ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>