للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٥ - محمد بن أحمد بن موسى بن عبد الله، الشيخ شمس الدين الكُفَيْرِى (١)، العجلوني الأصل الدمشقى، ولد (٢) في العشر الأول من شوال سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وحفظ "التنبيه" وأخذ عن ابن قاضي شهبة وغيره ولازم الشيخ شمس الدين الغزى مدة طويلة، واشتُهِر بحفظ الفروع، وكتب بخطه الكثير نسخًا لنفسه ولغيره، وناب في الحكم، وولى بعض التداريس، وحجَّ مرارًا وجاور وولى مرةً قضاء الركب، وجمع شرحًا على البخاري في في ست مجلدات، وكان قد لخص شرح ابن الملقن وشرح الكرماني ثم جمع بينهما؛ نقلت ترجمته من ابن قاضي شهبة.

ونقلْتُ من خط غيره أنه أجاز له محمد بن أحمد المنبجي ويوسف بن محمد الصيرفي، وأنه سمع على ابن أميلة وابن أبي عمرو وابن قواليح وابن المحب وابن عوض والعماد وابن السراج وابن الفصيح وغيرهم، وأنه صنّف "النبيه في شرح التنبيه"، واختصر "الروض" للسهيلي وسمّاه "زهر (٣) الروض" وكان لا يعرف شيئا من العلوم سوى الفقه، وينظم ولا يعرف العروض، وكان كثير التلوّن. مات في ثالث عشر المحرّم (٤).

١٦ - محمد بن حسين، شمس الدين التَّرُوجي المالكي، اشتغل وتعانى النظم وقال الشعر الحسن فأكثر. مات تحت الهدم في تاسع عشر صفر عن ستين سنة.


(١) قال السخاوى في الضوء اللامع إنها مصغر "كفر" من أعمال دمشق.
(٢) الوارد في الضوء اللامع ٧/ ٢٤٤ أنه ولد في سابع عشر شوال.
(٣) اسمه بالكامل زهر الروض ومعين النبيه على معرفة التنبيه.
(٤) أمام هذه الترجمة في هامش هـ أورد البقاعي بخطه الترجمة التالية: "محمد بن بهادر بن عبد الله الإمام العلامة القدوة أبو حامد تاج الدين سبط ابن الشهيد، كان يعرف علوما كثيرة ويحل أي كتاب قرى عليه سواء أكان عنده له شرح أم لا؛ وكان فصيح العبارة حسن التقرير صحيح الذهن دينا شديد الانجماع عن الناس مع خفة الروح واللطافة والمزاج والصبر على الطلبة وعدم الميل إلى الدنيا وكثرة التلاوة لكتاب الله وإيثار العزلة والانقطاع في الجامع مع التجمل في اللباس والهيئة. مات في صبح يوم الثلاثاء تاسع شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين هذه في دمشق عن مرض حاد، وكانت له جنازة مشهودة حافلة جدا لم يتخلف عنها أحد من أعيان دمشق ولا غيرهم، لم أر في دمشق جنازة أعظم منها حتى لقد خيل إلى أن البلد ارتج وضج الناس في كل مكان، ما رأيتها مر بها على سوق إلا بكى أهله على أنهم كانوا لا يعرفونه لصغر سنه وعدم مخالطته للناس فإنه مات عن نحو ثلاث وثلاثين سنة ورفع الناس نعشه على أكفهم، وكان الفائز من وصلت يده إليه ليتبرك به، وكثير من الناس لم تصل يده لارتفاع النعش على أكف الطوال، ودفن بمقابر الصوفية ستى عهده سحائب الرضوان وأبيح أعلى الجنان، ما كان أزكى روحه وأذكى قلبه وأغزر عقله وأشد زهده وأحبه لنفع عباد الله، لم يحصل لي بأحد من النفع ما حصل لي به، وهو أول شيخ قرأت عليه في فنون العلم ولازمته وأنا أمرد، فما علمت أنه قط نظر إلى وجهى حتى طالت لحيتى. ".