للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٧ - محمد بن عبد الدائم بن عيسى (١) بن فارس البِرْماوى، الشيخ شمس الدين، وُلد في نصف ذي القعدة سنة ثلاثٍ وستين، وكان اسم والده "فارسًا (٢) "فغيّره "البِرْماوي" وتفقَّه وهو شاب، وسمع من إبراهيم بن إسحق الآمدى (٣) ومن عبد الرحمن بن علي بن القارئ (٤) وغيرهما، وسمع معنا في جماعة من المشايخ ولازم الشيخ بدر الدين الزركشي وتمهّر به، وحضر دروس الشيخ سراج الدين البلقيني وقرأ عليه غالبها، وقد سمعْتُ بقراءته على الشيخ "مختصر المزنى" وأول ما تخرّج بقريبه الشيخ مجد الدين إسماعيل وقد عاش بعده.

وكان حسن (٥) الخطّ كثير المحفوظ قويّ الهمة في شغل الطلبة، حسن التودّد لطيف الأخلاق، ضيّق الحال كثير الهمّ بسبب ذلك، ثم اتَّسع حاله بأخرة.

وله منظومات وتصانيف منها "شرح العمدة" ومنظومة في أسماء رجالها وشرحها، و"شرح البخاري" في أربع مجلدات، وكان غالب عمره خاملًا، ثم ولى نيابة الحكم عن ابن أبي البقاء وصحب ولده جلال الدين، ثم ناب عن الجلال البلقيني ثم عن الإخنائي، ثم ترك ذلك وأقبل على الاشتغال، وكان للطلبة به نفع، وفى كل سنة يقسم كتابا من "المختصرات" فيأتي على آخره ويعمل لهم وليمة، ثم استدعاه نجم الدين بن حجّى - وكان رافقه في الطلب عند الزركشي - فتوجه (٦) إلى دمشق فقرره في وظائف كثيرة واستنابه في الخطابة والحكم ونوّه به. فلما مات ولده محمد - وكان ولدًا نجيبًا وحفظ عدة مختصرات -


(١) أشار الضوء اللامع ٧/ ٧٢٥ إلى أن ورود "عيسى" سهو من ابن حجر، وعلق البقاعي بخطه في هامش هـ بقوله: "رأيت نسبه في نسخة بشرحه للعمدة محمد بن موسى بن عبد الدايم بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن إبراهيم العسقلاني النعيمي، نسبة إلى نعيم بن عبد الله المجمر".
(٢) أمامها في هامش هـ بخط البقاعي: "ليت شعرى أي عار في التسمية بفارس وما الذي يحسن تغييره! ".
(٣) راجع ترجمته في الدرر الكامنة ١/ ٢٩.
(٤) راجع ترجمته في الدرر الكامنة ٢/ ٢٣٣٠.
(٥) علق البقاعي بخطه على ذلك في هـ هامش، بقوله: "لم يكن خطه حسنا، وهو موجود في تصانيفه، فاطلبه".
(٦) وذلك في جمادى الأولى سنة ٨٢١.