للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسف عليه وكره الإقامة بدمشق فزوّده ابن حجّى وكتب له إلى معارفه (١) كتبًا أطراه (٢) فيها إلى الغاية فتلقاه أولئك بالقبول واعتقدوا فيه تلك الأوصاف فقاموا معه حق القيام حتى قرروه في مباشرة وظائف الشيخ ولى الدين العراقى نيابةً عن حفيده، وكانت (٣) عند موته قُرّرت باسمه فباشر الجميع بعد أن كان العراقي قد أوصى أن ينوب عن حفيده في درس الحديث من عيَّنه وكذا في دروس الفقه، وباشر بعض ذلك، وقرر الناظر الشرعي على أوقاف المدرسة الجمالية الشيخ ناصر الدين البارِنْبَارى (٤) أحد المهرة في العلوم في نيابة المشيخة والتَّدريس، وباشر ذلك مدة مع شدة استحقاقه من أوجهٍ، فلم يلتفت البرماوى لذلك بل لبس للنيابة عن الصُّغَير تشريفًا، وباشر الجميع ولم يرْع حقَّ البارنبارى مع ظهور استحقاقه، فباشر البرماوى ذلك من أثناء سنة سبعٍ وعشرين إلى أن حجّ في سنة ثمانٍ وعشرين، وجاور بمكة سنة تسع وعشرين. فلما حضر (٥) أول سنة ثلاثين قُرِّر في تدريس الصلاحية ببيت المقدس عوضًا عن الهروى (٦) في آخر المحرم ثم سافر إلى القدس في رجب، وناب في رجب من هذه السنة فباشرها نحو السنة مع ملازمة الضَّعْف له إلى أن مات وتفرّقت كتبه وتصانيفه شذَر مذر، عفا الله تعالى عنه.

واستقرّ في تدريس الصلاحية بعده عزُّ الدين عبد السلام بن داود بن عثمان المقدسي بعناية القاضي بدر الدين بن مُزهِر كاتب السِّرِّ فتأخر سفره إلى ذي القعدة، وكان نزل عن غالب وظائفه بمصر والقاهرة ببدل من المبذول كتدريس الحديث بالجمالية وتدريس


(١) أي الذين في القاهرة.
(٢) في هامش بخط البقاعي قوله: "كان حقيقا والله كما قال ابن حجى ومتصفا بما وصفه به، وسمعت غير واحد من محقق مشايخنا يبالغ في تعظيمه في كل فن، ومصنفاته تشهد بذلك، ولكن شيخنا نقم منه سعيه في وظيفته تدريس الفقه في المؤيدية ثم في النيابة عن ابن العراق وكان ينبغي أن يغفر له ذلك في جنب تعظيمه له وكتابته لبعض مصنفاته". ثم جاء في هامش آخر "ورأيت شرحه البخاري وليس بتلك المثابة".
(٣) أي هذه الوظائف.
(٤) وذلك نسبة إلى بارنبار، وهي واردة في القاموس الجغرافي ق ٢ ج ١ ص ٢٣٢ - ٢٣٣ باسم "برمبال، وقال إنها من القرى القديمة، ثم عرض القاموس لاختلاف رسمها عند الجغرافيين وذكر أن العامة تحرفها إلى بارنبار.
(٥) وذلك لموت الهروى.
(٦) أمامها في هامش بخط البقاعي: "الذي تقدم أنه مات في ذى الحجة سنة ٨٢٩"، انظر أيضا النجوم الزاهرة ٦/ ٧٩٣ - ٧٩٤.