للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض المراكب، ووجدوا في نواحيهم مركبين حضرا من بلادهم فردوهم فانزعج السلطان والمسلمون لذلك؛ وكان ما سنذكره.

* * *

وفى تاسع ذي القعدة كسر الخليج الناصري وكان النيل وصل في أول يوم من ذي القعدة وهو يوم الجمعة إلى خمسة عشر ذراعًا (١) وشيء، ثم وصل في رابعه إلى تسعة عشر من السادس عشر، وتوقف أربعة أيام فضج الناس وأقبلوا على شراء القمح وغيره خشية استمرار التوقف، فجمع السلطان القضاة والقراء (٢) عنده وقرئ عنده القرآن وابتهلوا بالدعاء، وأصبح في اليوم الثامن فركب إلى الآثار فزار ودعا وتصدق، فاتفق أنه أوفى في صبيحة ذلك اليوم، وباشر كَسْر الخليج محمد ولد السلطان.

وفى نصف ذى الحجة استقرّ الشريف شهاب الدين أحمد بن علي بن عدنان الحسنى نقيب الأشراف بالشام في كتابة السر بمصر، وأُلْبِس خلعةً خضراء بطرحةٍ خضراء، وصرف جلال الدين بن مُزْهر وكان قد استقر فيها بعد والده ولم يعهد في الدولة التركية وظيفة كاتب السر تُمْتَهن هذا الامتهان حيث يتولاها شاب صغير وتدور بين ثلاثة في سنة واحدة، ولم تكن العادة أن لا يتولاها إلا مَنْ جُرِّب عقْلُه ومعرفته، ثم لا ينفصل عنها إلا بالموت غالبا.

* * *

وفي جمادى الآخرة حاصر ابن قَرَايُلُك مدينة خَرْت بِرْت فبلغ ذلك السلطان فجرد عدة من الأمراء والمماليك وأنفق فيهم، وأرسل إلى المماليك الشامية بالخروج معهم فآل أن وصلوا، فصالح قَرَايُلُك النائب وتسلمها قرايلك فوصل العسكر بعد ذلك إلى الرّها فانتهبوها وقتلوا من أهلها مقتلة عظيمة وأفحشوا في ذلك، وأسروا ولد قَرَايُلُك وأرسلوه إلى القاهرة، واتفق ورود الخبر بذلك يوم وفاء النيل في تاسع ذي القعدة.

وفى شوال وعك كاتبه ثم عوفى في ذى القعدة فاستعرض أهل السجون فصولح من له دين من مال كاتبه وحصل لجمعٍ كثير من الناس فرح كبير، وأما صاحب الدين فليأسه


(١) في هامش هم بخط البقاعي: "الذراع مؤنث وقد يذكر، وكذا الإصبع".
(٢) في هـ "والفقراء".