إلى السلطان وضمن له السلامة، فلما سمع بحبسه جاء للشفاعة فيه، فأرسل لهم السلطان القاضي بدر الدين العيني فأحضرهم عنده وتأدب معهم وكانوا ثلاثة: عبد الدائم، وشجاع، والعريان، وأتباعهم، وقبل السلطان شفاعتهم وأذن لهم في تسليم ابن عمر بعد أن يحلفه كاتب السر عند العيني، ففعل ذلك ورجعوا.
وفي جمادى الأولى شاع عن أهل التقويم أنهم اتفقوا أن الشمس تكسف في ثامن عشري هذا الشهر بعد الزوال، فتأهب السلطان وغيره لذلك وترقبها إلى أن غربت، ولم يتغير منها شيء البتة.
وفي يوم الخميس ثاني عشر شهر رجب تزوج سيدي محمد ولد الأمير جقمق بنت أحمد بن أرغون شاه، وعمل له أبوه وليمة عظيمة وقدم له السلطان ومن دونه تقادم سنية.
وفي شوال أرسل السلطان ثلاثمائة مملوك إلى جزيرة قبرس بمطالبة صاحبها بما استقر عليه من المال في كل سنة، وأوصاهم أن يرسوا على بعض الجزائر ويراسلوه، فإن أجاب بالامتثال رجعوا وصحبتهم ما يوصله لهم، وإن امتنع اعتصموا ببعض الجزائر وراسلوا السلطان، فعادوا بعد بضعة وعشرين يوماً وصحبتهم أثواب صوف بقيمة ثلاثة آلاف دينار.
وفيها حجب خوند جلبان زوج السلطان، وكانت أمته فأعتقها وتزوجها وصيرها أكبر الخوندات، وجهزها في هذه السنة تجهيزاً عظيماً، وأرسل صحبتها جوهر اللالا وناظر الجيش ونصب في الودك المتعلق بها على شاطئ النيل وكان امراً مهولاً، وسافروا بالمحمل من أجلها في ٧ شوال ورحلوا به من البركة يوم الحادي والعشرين منه قبل العادة بثلاثة أيام.
وفي ١٢ ذي القعدة أوفى النيل ستة عشر ذراعاً، ونودي عليه بزيادة نصف ذراع بعد الستة عشر، وذلك في تاسع عشري أبيب، وقد تقدم في سنة خمس وعشرين انه أوفى في تاسع عشري أبيب أيضاً ولكن بزيادة اصبعين على الستة عشر فقط، وأوفى قبل ذلك في سنة ست عشرة آخر يوم من أبيب وهي من النوادر، وافسد تعجيل الزيادة من الزروع التي بالجزائر شيئاً كثيراً كالبطيخ والسمسم.