للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مختلف، ويقال إنه دخل بلاد الفرنج بسبب تحصيل صليب عندهم بلغ أمره ملك الحبشة فأحب أن يراه، ولما شاع ذلك عنه خشى على نفسه فنزل في مكان بالقرب من الخانقاه الناصرية بسرياقوس فنمَّ عليه عبد السلام الجبرتى ووشى به إلى السلطان، فأمر والى القاهرة فقبض عليه فوجد معه أمتعة من ملابس الفرنج وشيئًا من سلاح وناقوسين من ذهب وكتابًا فيه مراسلة من صاحب الحبشة يستدعى منه أشياء يصوغها من صلبان ونواقيس ويحضه على أن يشترى له مسمارًا من المسامير التي سُمر بها المسيح بزعمهم، والكتاب كله بالحبشية فعُرب وحُبس، ثم عُقد له مجلسٌ ففَوَّض السلطان أمره إلى المالكي، وذلك في حادي عشر جمادى الأولى.

فتسلَّمه المالكي (١) وسمع عليه الدّعوى فأنكر، فشهد عليه صدر الدين بن العجمي والشيخ نصر الله وآخرون، ومستند (٢) أكثرهم الاستفاضة فأُعْذِر إليه فيمن شهد عليه فادعى عداوة بعضهم، وأُعْذِر لبعضهم فحكم بقتله بشهادة من أعذر لهم، فضربت عنقه بين القصرين تاسع عشر الشهر (٣) المذكور وهو يعلن بالشهادتين وقراءة القرآن ويتبرّأ من كل دين يخالف دين الإسلام، فتسلَّمه أهله فغسّلوه وصلوا عليه ودفن.

ثم بعد أيام أعاد السلطان لأهله ما كان وُجد له. وتبين لأكثر الناس أنه مظلوم، وذكر لي خادمى فاتن الطواشي الحبشي - وكان على هو الذي جلبه من بلاد الحبشة - أنه كان ببلاد الحبشة يواظب على الصلاة والتلاوة ويؤدّب من لم يُصَلِّ من أتباعه، وعنده فقيه يقرئ أولاده وأتباعه القرآن. وللمسلمين به نفعٌ وهم بسببه في بلاد الحبشة في إكرام واحترام، ولم يمتّع من شهد عليه بل لحق به بعد قليل كما سيأتي. والله أعلم بغيبه.

١٣ - على بن محمد بن الصفى، علاء الدين بن صدر الدين بن صفّ الدين الأرْدَبيلي شيخ الصوفية بالعراق، قدم دمشق سنة ثلاثين ومعه أتباعه فحج وجاور، ثم قدم دمشق


(١) في ز "الوالي".
(٢) في هـ "وشهد".
(٣) أي شهر جمادى الأولى سنة ٨٣٢.