للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابن حبيب وابن عبد المعطى والأميوطى ومن بعدهم، وأجاز له البهاء بن خليل والجمالُ الإسنوى وأبو البقاء السّبكي وغيرهم، وناب في الحكم عن قريبه عز الدين بن محب الدين بن أبي الفضل، وولى قضاء المدينة مدةً يسيرة ولم يصل إليها بل استناب ابن المطرى وصُرف، وكان ضخما جدًّا. مات في رابع عشر ذي الحجة وقد دخل السبعين وانصلح بآخره. وهو والد أبي اليُمْن خطيب الحرم.

٢٣ - محمد بن بدر الدين محمد بن أحمد بن مزهر الدمشقي، بدر الدين، وُلد سنة ستٍ وثمانين وسبعمائة، ونشأ في كنف أبيه ثم مات أبوه عنه وهو صغير فكفله زوج أخته محي الدين أحمد المدني، وتولَّى التوقيع عنده لما ولى كتابة السرّ بدمشق فاتّصل بالمؤيّد وخدمه (١)، ثم سلَّمه إلى نائب القلعة يَشْبك بن أزْدمر فحبسه عنده وضيّق عليه إلى أن وقع الإفراج عنه بعد قتل الناصر فقدم مع التجريدة إلى القاهرة فولى نظر الإصطبل وباشر توقيع الدست ابن البارزي، ثم صار نائب كاتب السر في مباشرة (٢) والده فمهر إلى أن استقر فيها استقلالًا، فكانت مدته في ذلك نيابة واستقلالًا نحو تسع سنين، لأنه باشر ذلك عقب وفاة ناصر الدين بن البارزي في ثامن شوال سنة ثلاث وعشرين، وباشر في غضونها نظر الجيش نيابةً عن ناظر (٣) الجيش لما حج في سنة ستٍّ وعشرين.

وكان فصيحًا مفوّهًا عارفًا بالأمور الدنيوية، عاريًا عن معرفة الأمور الأخروية، إنَّما همه الأعظم تحصيل الدرهم ولو كان فلوسًا حتى حصل في هذه المدة ما يزيد على مائتي ألف دينار تمزَّقت بعده وبقى منها ما اشتراه من العقار فإنه بقى لذريته.

وكان ابتداء مرضه في أول ربيع (٤) الآخر، حصلت له ذبحة في حلقه فصار ينفث الدم قليلًا ولم ينقطع عن الركوب إلى الحادى والعشرين من الشهر المذكور، وحصل له


(١) وذلك حينما كان المؤيد لا يزال نائب حلب حين عمل موقعا عنده.
(٢) في هـ "في مباشرة ولده فمن بعده".
(٣) كان ناظر الجيش هو الزين عبد الباسط.
(٤) الوارد في الضوء اللامع ٩/ ١٠٨ أنه مات في جمادى الآخرة من السنة.