شيء كثير، واشتهر أمر الطاعون في الوجه البحرى فيقال مات بالمحلة خمسة آلاف نفسٍ، وبالنَّحرارية تسعة آلاف، ومات في الإسكندرية في كل يوم مائة وخمسون إلى غير ذلك وعُدَّ ذلك من النوادر لأنه وقع في قوة الشتاء، وكان قبل ذلك قد فشا في برَصَا وغيرها من بلاد الروم حتى بلغ عدد من يموت في اليوم زيادة على الألف على ما قيل، فلما استهلَّ ربيع الآخر كان عدة من يموت بالقاهرة اثنى عشر نفسًا، وفي آخره قاربوا الخمسين.
وفى أول يوم من جمادى الأولى بلغوا مائةً فنودى في الناس بصيام ثلاثة أيام وبالتوبة والخروج إلى الصحراء في اليوم الرابع.
وخرج الشريف كاتبُ السر والقاضي الشافعي وجمعٌ كثير من بياض الناس وعوامهم فضجوا وبكوا ودعوا وانصرفوا قبل الظهر، فكثر فيهم الموتُ أضعاف ما كان، وبلغ في اليوم ثلاثمائة في القاهرة خاصةً سوى من لا يَرِدُ الديوان، ووُجد بالنيل والبرك شيءٌ كثيرٌ من الأسماك والتماسيح موتى طافية، وكذا وُجد في البرية عدة من الظباء والذئاب.
* * *
ومما وقع فيه من النوادر أنَّ مركبا ركب فيها أربعون نفسا فقصدوا الصّعيد، فما وصلت إلى المَيْمون حتى مات الجميع، وأن ثمانية عشر صيَّادًا اجتمعوا في مكانٍ فمات منهم في يوم واحد أربعة عشر، فجهزهم الأربعة فمات منهم وهم مشاة ثلاثة، فلما وصل الأخير منهم إلى المقبرة مات.
وبلغ في سلخ جمادى الأولى إلى ألفٍ وثمانمائة.
* * *
وفي رابع جمادى الأولى بلغت عدّة الموتى بالقاهرة خاصةً في اليوم ألف نفس ومائتي نفس، ووقع الموت في المماليك السلطانية حتى زاد في اليوم على خمسين نفسا منهم. وانتهى عدَدُ من صُلِّيَ عليه في اليوم خمسمائة وخمسة أنفس، وضبط جميع المصليات في يوم واحد فبلغت ألفا نفس ومائتين وستة وأربعين نفسا.