التفهني سمع الحديث من النجم ابن الكشك وغيره واشتغل على جماعة من المشايخ، وأول من نوه به كاتب السر الكلستاني، وكان أصله من تفهنة إحدى القرى الغربية وأبوه طحان، ومات وهو صغير فرباه أخوه شمس الدين محمد، فلما ترعرع دخل القاهرة ونزل في كتاب السبيل بالصرغتمشية، ثم صار عريفاً بالمكتب، ثم نزل في الطلبة ثم نزل في طلبة الشيخونية، فلما نوه به الكلستاني ناب في القضاء وحمدت سيرته، ولازم الاشتغال وحسن خطه، وكتب على الفتاوى فأجاد، وكان حسن الأخلاق كثير الاحتمال شديد السطوة، إذا غضب لا يطاق وإذا رضي لا يكاد يوجد له نظير - رحمه الله تعالى.
وفي شعبان صرف القاضي شهاب الدين بن المحمرة عن قضاء الشام واستقر كمال الدين البارزي وخلع عليه يوم الجمعة ثاني شعبان مع استمراره في كتابة سر الشام، فلما بلغ الشام توجه إلى بيت المقدس فصام شهر رمضان هناك وقدم بعد شوال إلى القاهرة، وكان لما سار إلى الشام استناب بدر الدين ابن الأمانة في تدريس الشيخونية وجمال الدين ابن المجبر في مشيخة الصلاحية، فلما تمادت إقامته هناك استنجز مرسوم السلطان بالاستقلال، فلما عاد إلى القاهرة استعاد الوظيفتين منهما بإذن السلطان ولم يلتفت إلى شرط الواقف أن من غاب عن وظيفته أزيد من مدة مجاورة الحاج أخرج منها، وهذا بخلاف شرط سعيد السعداء فإن شرط واقفها أن من غاب عن وظيفته يعود إليها إذا عاد ولو طالت غيبته، فحجة ابن الأمانة قائمة وحجة ابن المجبر داحضة.
وفيها وصل من زنوك الصين عدة ومعهم من التحف ما لا يوصف فبيع بمكة،