وانهزم منهم مرة الحطي صاحب الحبشة، ولم يزل جمال الدين على طريقته في الجهاد حتى ثار عليه بنو عمه فقتلوه في هذه السنة، وكان من خير الملوك ديناً ومعرفةً وقوةً وديانةً، وكان يصحب الفقهاء والصلحاء، وينشر العدل في أعماله حتى في ولده وأهله، ومن جملة سعده هلالك الحطي إسحاق بن داود بن سيف أرغد في أيامه في سنة ثلاث وثلاثين، وأقيم بعده اندراس، واسلم على يد جمال الدين خلائق من الحبشة، واستقر بعده في مملكة المسلمين أخوه شهاب الدين أحمد ويلقب بدلاي، فأول ما صنع جد حتى وجد قاتل أخيه فاقتص منه.
محمد أبو عبد الله بن صاحب المغرب أبي فارس عبد العزيز، مات وكان ولي عهد أبيه، وأسف عليه أبوه أسفاً كثيراً، وكان موصوفاً بالشهامة ومكارم الأخلاق، لا يعرف له صبوة إلا في الصيد، وكان أبوه قد تخلى له عن الملك غير مرة فيمتنع ويبالغ في الامتناع، فقدرت وفاته بطرابلس المغرب بزاويته التي أنشأها هناك، وكثر الأسف عليه، ويقال إنه كان مغرماً بالجواري، وكان أبوه يعرف ذلك فكان يقول له: إياك والنساء ويكرر ذلك في المجلس حتى يخجله ولا يرتدع، وكان حدث له ورم في ركيتيه، فكان أبوه يخشى عليه من كثرة الجماع. فقدر أن وفاته كانت بسبب ذلك فيما يقال.
محمد بن ناصر الدين محمد بن محمد، الحافظ تاج الدين الكركي ابن الغرابيلي سبط العماد الكركي، ولد سنة ست وتسعين بالقاهرة حيث كان جده لامه ونقله أبوه إلى الكرك حيث عمل إمرتها، ثم تحول به إلى القدس سنة سبع عشرة، فاشتغل وحفظ عدة مختصرات كالكافية لابن الحاجب والمختصر الأصلي والإلمام والألفية في الحديث، ولازم الشيخ عمر البلخي فبحث عليه في العضد والمعاني والمنطق، وتخرج أيضاً بنظام الدين قاضي العسكر