وبابن الديري الكبير، ومهر في الفنون إلا الشعر، ثم أقبل على الحديث بكليته فسمع الكثير وعرف العالي والنازل، وقيد الوفيات وغيرها من الفنون، وشرع في شرح على الإلمام، وذكر لي بعض اصحابه أنه أقبل على الحديث من سنة خمس وعشرين، فأقبل لي النظر في التواريخ والعلل، وسمع الكثير ببلده، ورحل إلى دمشق ورحل إلى القاهرة فلازمني إلى أن حرر نسخته من المشتبه غاية التحرير، واغتبط به الطلبة لدماثة خلقه وحسن وجهه وفعله، وقدرت وفاته في جمادى الآخرة بعد أن هم بالحج صحبة ابن المرأة فلم يتهيأ له ذلك، ووعك إلى إن مات وكان من الكملة فصاحة لسان وجرأة ومعرفة وقياماً مع أصحابه ومروءة وتودداً وشرف نفس وقناعة باليسير وإظهاراً للغني مع قلة الشيء، وقد عرض عليه كثير من الوظائف الجليلة فامتنع واكتفى بما كان يحصل له من شيء كان لأبيه، وكان الأكابر يتمنون رؤيته والاجتماع به لما يبلغهم من جميل أوصافه، فيمتنع إلا أن يكون الكبير من أهل العلم - رحمه الله تعالى.
يحيى بن عبد الله، القبطي علم الدين أبوكم، باشر نظر الأسواق ثم ولي الوزارة في دولة الناصر فرج، ثم خمل وحج وجاور بمكة مرة - إلى أن مات في ٢٢ رمضان بالقاهرة وقد جاوز السبعين، وكان إسلامه حسناً.