للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانهزم منهم مرة الحِطِّىُّ صاحبُ الحبشة، ولم يزل جمال الدين على طريقته في الجهاد حتى ثار عليه بنوعمه فقتلوه في هذه السنة.

وكان من خير الملوك دينًا ومعرفةً وقوةً وديانةً، وكان يصحب الفقهاء والعلماء، وينشر العدل في أعماله حتَّى فى ولده وأهله، ومن جملة سعده هلاك الحطى إسحق (١) بن داود ابن سيف أرعد في أيّامه في سنة ثلاث وثلاثين وأقيم بعده أندراس؛ وأسلم على يد جمال الدين خلقٌ كثير من الحبشة، واستقرَّ بعده في مملكة الحبشة المسلمين أخوه شهاب الدين أحمد ويلقب "بدلاي"، فأَوّل ما صنع جَدّ حتى وجد قاتل أخيه فاقتصّ منه.

١٢ - محمد أبو عبد الله بن صاحب المغرب أبي فارس عبد العزيز، مات وكان ولَّى عهد أبيه فأسف عليه أبوه أسفًا كثيرًا، وكان موصوفًا بالشهامة ومكارم الأخلاق، ولا تُعْرف له صَبْوَةٌ إلا فى الصّيد، وكان أبوه قد تخلّى له المُلْك عن غير مرة فيمتنع ويبالغ في الامتناع فقُدّرت وفاته بطرابلس الغرب بزاويته التي أنشأَها هناك وكثر الأسف عليه، ويقال إنه كان مغرمًا بالجوارى وكان أبوه يعرف ذلك فكان يقول له: "إيّاك والنّساء!) ويكرّر ذلك في المجلس حتى يخجله ولا يرتدع، وكان حَدث له ورم في ركبتيه فكان أبوه يخشى عليه من كثرة الجماع فقُدّر أن وفاته كانت بسبب ذلك فيما يقال.

١٣ - محمد بن ناصر الدين محمد بن محمد [بن (٢) محمد بن مسلم بن على ابن أبي الجد] الحافظ تاج الدين الكركي، ابن الغَرَابيلي سِبط العماد الكركي، وُلد سنة ستٍّ وتسعين بالقاهرة حيث كان جدُّه لأمه حاكمًا ونقله أبوه إلى الكرك حيث عمل إمرتها، ثم تحوّل به إلى القدس سنة سبع (٣) عشرة فاشتغل وحفظ عدة مختصرات كالكافية لابن الحاجب و "المختصر" الأصلى، و "الإلمام" و "الألفية في الحديث"، ولازم الشيخ عمرًا البلْخِيِّ فبحث عليه في "العضد" والمعاني والمنطق، وتخرَّج أيضًا بنظام الدين قاضي العسكر


(١) راجع ص ٤٤٣ سنة ٨٣٣ ترجمة رقم ١١.
(٢) الإضافة من هـ، هذا وقد ذكر السخاوى في الضوء اللامع ٩/ ٧٥٧ أنه يعرف بابن مسلم "كمحمد" ومكانها في ظ فراغ.
(٣) هكذا أيضا في شذرات الذهب ٧/ ٢١٥ نقلا عن ابن حجر، لكنها "سبع وعشرين" في الضوء اللامع ٩/ ٧٥٧.