للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه السنة، فبادر إلى الإجابة وأظهر الفرح بذلك، فنزل في الحال فتجهز وتوجه صحبة الركب الأول، فقدرت وفاته بمغارة نبط - ذاهباً - على ما بلغنا، ولم أعرف له سماعاً في الحديث ولا حدث، وكان مبغضاً للناس بغير سبب غالباً - عفا الله عنه -.

عبد الله بن مسعود، التونسي المكي الشيخ الجليل المعروف بابن القرشية أخذ عن والده وذكر أنه.... قرأت بخطه أن من شيوخه شيخنا بالإجازة أبا عبد الله بن عرفة وقاضي الجماعة أبا العباس أحمد بن محمد بن جعدة أخذ عن محمد بن عبد السلام شارح ابن الحاجب، ومنهم أبو القاسم أحمد بن أبي العباس الغبريني، أخذ عن أبي جعفر بن الزبير وعن ابن عربون وابن هارون، ومنهم أبو العباس أحمد بن أدريس الزواوي شيخ بحاية، وحدث بالحديث المسلسل بالأولية ومصافحة المعمر، ومنهم أبو عبد الله بن مرزوق، ومنهم أبو الحسن محمد بن أبي العباس أحمد الأنصاري البطرني، وذكر أنه قرأ عليه القراآت وسمع عليه كثيراً من الحديث وألبسه خرقة التصوف، ومنهم أبو العباس أحمد بن مسعود بن غالب البلنسي، أخذ عن الوادياشي وعن أبي عبد الله بن هزال.

عبد العزيز السلطان أبو فارس بن أبي العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر الهنتاني الحفصي صاحب تونس، مات وهو قاصد إلى تلمسان وقد مضى كثير من أخباره في الحوادث، قرأت بخط صاحبنا أبي عبد الله محمد ابن عبد الحق الهنتي فيما كتب من سيرته أنه بلغه أنه كان لا ينام من الليل إلا قليلاً حتى حزر مقدار ما ينامه بالليل أربع ساعات لا يزيد قط بل ربما نقصت، وليس له شغل إلا النظر في مصالح ملكه، وكان يؤذن بنفسه ويؤم بالناس في الجماعة ويكثر من الذكر ويقرب أهل الخير، وقد أبطل كثيراً من المفاسد والتركاس بتونس منها العيالة وهو مكان يباع فيه الخمر للفرنج ويحصل منه في السنة شئ كثير وكان لأكثر الجيش عليه رواتب فأبطله وعوضهم - وأخرج المحسس بولده، قال - وشكى إليه قلة القمح - بالسوق - فدعا تجاره فعرض عليهم قمحاً من عنده وقال: أريد بيع هذا بسعر دينار ونصف، فاسترخصوه، فأمر ببيعه بذلك السعر وأن لا يشتري أحد من غيره بفوق ذلك، فاحتاجوا أن يبيعوا بذلك القدر فترك هو البيع فبلغه أنهم زادوا قليلاً فأمر بأن يباع ما عنده بسعر دينار واحد، وتقدم إلى خازنه أنه إن وجد القمح بالسوق لا يبيع من عنده شيئاً وإلا باع بسعر دينار فاضطروا إلى أن باعوا، فكانت تلك من أحسن الحيل في تمشية حال الناس، ولم يكن ببلاده كلها شئ من المكوس ولكنه كان يبالغ في أخذ الزكاة والعشر،

<<  <  ج: ص:  >  >>