أخرجه من قبره بعد ثلاثة أيام وحز رأسه ورأس اثنين من أولاده، وثلاثة من ألزامه وأرسلهم إلى القاهرة فنصبت على باب زوبلة، وذلك في ربيع الأول وزينت القاهرة فرحاً بذلك، وأكرم السلطان قصاد الإسكندر وأعطاهم مالاً وقماشاً بقدر عشرة آلاف دينار، وكتب سليمان بن دلغادر إلى جانبك الصوفي بأنه معه معيناً له على مقاصده، فاغتر بذلك فاجتمعا بملطية، فبالغ في إكرامه والمناصحة له، وأقاما على ذلك مدة، ثم خرجا يوماً للصيد والتنزه فأبعدا في ذلك، وكان جانبك قد رتب فرسانه وجماعته على حصار ديركي، فقبض أصحاب سليمان على جانبك وقيدوه، وسرى به سليمان على الدمس ليلة كاملة حتى صبح الأبلستين فسجنه، وراسل السلطان الملك الأشرف يعلمه بالقبض عليه.
وفيها جرد أربعة أمراء من الألوف إلى عرب البحيرة، والسبب في ذاك أن وكانت طائفة من عرب لبيد قحلت بلادهم فدخلوا البحيرة وصالحوا أهلها، فمكنوهم من التوجه إلى عرب محارب بالوجه القبلي، فنزلوا في الأراضي التي بارت من الزرع وطلع فيها مرعى يقال له الكتيح - بكاف ومثناة ومهملة مصغر - فلم يمكنهم الكائف من الرعي فيه إلا ببذل مال، فأنفقوا من ذلك ووقع بينهم قتال، فكان ذلك سبب بعث الأمراء فنهبوا منهم كثير من جمالهم وفروا من أيديهم، فرجع الأمراء في شعبان.
وفي رمضان الوافق لبرمودة من أشهر القبط عند دخول فصل الصيف وقع بمصر مطر غزير دلفت منه البيوت وجاء سيل عظيم بحيث أقام بالصحراء أياماً.