للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤ - آقبُغا الجمالى الذى كان عمل الأُستاداريّة الكبرى غير مرّة وفي الآخر ولاه السّلطانُ كشفَ البحيرة فتوجّه إلى هناك، فأَغار على بعض العرب فتجمعوا عليه وقتلوه وذهب دمُه هدرًا، وكان أهوج (١) مقداما غشومًا، وهو من مماليك كمشبغَا الجمالى، وخرج الوزير الأُستادار عبد الكريم بن كاتب المناخات بعسكرٍ فجمع العرب وأمّنهم وأحضرهم إلى السلطان، وذهب دم آقبغا هدرًا في ٢١ ربيع الآخر.

٥ - أبو بكر بن على بن جحَّة الحموى الحنفى، الشيخ الأَديب الفاضل شاعر الشام تقى الدين الأزرارى، كان فى ابتداء أمره يعقد الأزرار وكان يخضب بالحمرة، ثم تعانى النظم فولَّع أولًا بالأزجال والمواليا ومهر فى ذلك وفاق أهل عصره، ثم نظم نظم القصائد ومدح أعيان أهل بلده، ودخل (٢) الشام فمدح برهان الدين بن جماعة قبل التسعين بقصيدةٍ كافيةٍ أعجبته فطاف بها على نبهاء عصره فقرظوها له. ودخل بسبب ذلك إلى القاهرة فدُلَّ على القاضى فخر الدين بن مُكَانِس ومدحه وطارح ولده، وكتَبا له على القصيدة، واجتمعتُ به إذ ذاك، ثم عاد مرة أخرى فتأَكَّدت الصحبة.

ولمّا رجع في الأوّل صادف الحريق الكائن بدمشق لمَّا كان الظَّاهر يحاصر دمشق بعد أن خرج من الكرك، وكان أمرًا مهولا فعمل فيه رسالته وكاتبه بها ابن مكانس وهى طويلة، وأقام بحماة يمدح أمراءها وقضاتها؛ وله قصيدة في علاء الدين بن أبي البقاء قاضي دمشق، ومدح أمين الدين الحمصي كاتب السر حينئذ وغيره، ودخل القاهرة ثم نوه به القاضى ناصرُ الدين بنُ البارزى فى الدولة المؤيّدية فعظم أمره وشاع ذكره، وكان نظم قصيدةً بديعية على طريقة شيخه العزّ الموصلى وشرحها في ثلاثة مجلدات، وجمع مجاميع أخرى مخترعة، وله فى المؤيد غُرر القصائد، وقُرِّر فى ديوان الإنشاء منشىٍّ الدّيوان، وعمل فى طول


(١) وصفته النجوم الزاهرة ٦/ ٨٣١ بأنه كان وضيعًا من الأوباش لا يشبه فعله أفعال المماليك في حركاته وسكونه ولا فى قتاله … وشجاعته كانت مشتركة بجنون وسرعة حركة … وفى الجملة أنه كان من الأوغاد".
(٢) عبارة "ودخل الشام فدح" غير واردة فى هـ.