للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣١ - يحيى بن يحيى بن أحمد بن حسن القبابي (١)، محيي الدين أبو زكريا المصرى، وُلد في أواخر سنة ستين أوْ فى أول التي قبلها، وقدم القاهرة فاشتغل بها، وحفظ التنبيه، والألفية، ومختصر ابن الحاجب، وحضر دروس البلقيني، وابن الملقّن، والأنباسي وغيرهم، واشتغل في علم الحديث على العراقي، ولازم عزّ الدين بن جماعة في قراءة المختصر، ومحبّ الدين بن هشام فى العربية، وطاف على الشيوخ فى الدروس، ثم ارتحل إلى دمشق وهو فاضل، فأثنى شهاب الدين الزهرى على فضائله حتى قال: "ما قدم علينا من طلبة مصر مثله" ولازم الزُّهرى حتى قرأ عليه نصف المختصر وأذن له، وتكلّم على الناس بالجامع، وسكن بعد الفتنة العظمى "بيت روحا" فأقام بها، ودخل إلى مصر حين دخل إليها مع الشاميين، ثم عاد ولازم عمل الميعاد.

وكان فصيحا مفوّها، فاجتمع عليه العامة وانتفعوا به، وقرأ صحيح البخاري عند نوروز، ثم ناب فى الحكم عن ابن حجى سنة إحدى عشرة وثمانمائة، واستمرّ في ذلك، ولم يكن في أحكامه محمودًا.

وكان في بصره ضَعْف، فتزايد إلى أن أضرّ، وهو مستمر على الحكم، وكان يُؤْخذ بيده فيعلّم بالقلم، وتؤخذ عنه الفتوى ثم يكتب هو اسمه، وكان فصيحا ذكيًا مشاركًا في عدّة فنون، جيّد الذّهن، ليّن العريكة، سهل الانقياد، قليل الحسد، مع المروءة والعصبية، وقد أقبل في أواخر عمره على إقراء الفقه، فدرّس فى المنهاج، والتنبيه، والحاوى بالجامع، وكان قد درّس بالرواحية (٢)، وناب فى تدريس الشامية البرانية، واجتمع بي في


(١) في الضوء اللامع ١٠/ ٥١٠٥١ "القبابي: نسبة إلى القباب، وهى قرية من اشموم الرمان من الشرقية في مصر" "ولكن جاء في الشذرات ٧/ ٢٣٢ "العبابي نسبة إلى عباب بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة".
(٢) كانت المدرسة الرواحية من مدارس الشافعية وكانت تقع إلى جوار المسجد المعروف بمشهد على الملاصق للجامع الأموى وداخل باب الفراديس، وقد جاء في الدارس ١/ ٢٦٥ حاشية رقم ٥ أن هذه المدرسة قد تحولت للأسف إلى دار للسكن وكان تشييد الرواحية على يد التاجر زكى الدين بن أبي القاسم المعروف بابن رواحة هبة الله ابن محمد الأنصاري المتوفى بدمشق سنة ٦٢٣ هـ على أرجح الأقوال، انظر نفس المرجع ١/ ٢٦٥ - ٢٧٥، وقد اشار محقق الدارس الأمير جعفر الحسنى "١/ ٢٦٨ حاشية رقم ١" إلى أن هذه المدرسة التي صارت سكنا قد أتى عليها الحريق عام ١٩١٠ فلم يبق منها سوي جدرانها، أما الشامية البرانية فكانت هي الأخرى من مدارس الشافعية بدمشق وهى من إنشاء الخاتون ست الشام بنت ايوب، واخت صلاح الدين التي قيل ان التقى ابن قاضي شهبة "صنف فيها كراسة" وكانت الخاتون معروفة بالبذل والسخاء على الفقراء وأهل الحاجة، وذكر النعيمي أنها كانت تعمل في كل سنة في دارها أشربة وادوية وعقاقير =