للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي السادس من شهر ربيع الأول استقر كريمُ الدين [عبد الكريم] بن الصاحب تاج الدين [بن كاتب المناخات] في الوزارة على قاعدته، فباشرها مباشرةً حسنةً وفرح الناس به، واستقرّ أمين الدين بن الهيثم ناظر الدولة على عادته.

وكانت الوزارة - منذ صُرف عنها خليل بن شاهين - لم يستقر فيها أحد، بل عُذِقَ أمرُها بناظر الجيش، فأقام فيها ناظرَ الدولة متحدثًا عنه، وأحال عليه مصروف كل جهة من الجهات، وكل جهةٍ لم يَفِ متحصّلها بها أكملها مِن عنده، فاستمر الحال على ذلك إلى أن قدم.

* * *

وفيه نودي بمنع لبس الزموط (١) الحمر وعملها، وهي التي يلبسها العرب ويسمونه "الشّاشة"، فنودي بذلك، فوقف له جماعة ممَّن اشتروا الصوف لذلك فصمّم على المنع، ثم رُفع له بعض الغلمان من الهجانة وغيرهم فأغلظ لهم القول، واستقر على المنع، ونودي ألّا يحمل أحد سلاحًا.

وفيه وصل العسكر المجرد إلى الأبُلُسْتَين فوصلوا إلى تجاه سيواس (٢)، فوجدوا - في تاسع عشره - جانبك ومن معه، فقدموا بهم.

وفيه قُتل جاسوس وُجد معه كُتبُ من جانبك الصوفي.

* * *

وفيه وقع (٣) قتال بين الهنود الذين يقيمون بظاهر المدرسة الصالحية لإصلاح شعور اللحى، وَثَب رجل على رجلين فقتلهما قدام الصالحية، وذلك أنه تقاتلَ مع واحدٍ فقتله ثم مرّ برجل يُصْلح شاربه فضرب الذي يصلح بسكين في كتفه فوقع ميتا، وحصل للرجل فزع فحمِل


(١) الزموط قلنسوة حمراء وقيل إنه لباس للرأس للطبقات الدنيا ثم أصبح طابعا مميزا للعسكر الشركسي انظر ماير: الملابس المملوكية ص ٥٨ - ٥٩. أما الشاش فقماش من نسيج رقيق قد يكون من الحرير ويلف على الزموط ومنه ما يكون مرقوما بالذهب، انظر ماير نفس المرجع، ص ١٠٦ - ١٠٧.
(٢) سيواس هي المعروفة عند الغربيين في العصور الوسطى باسم SEBASTIA وكان إنشاؤها على يد السلطان علاء الدين السلجوقي واستعمل فيها كلها الحجارة وأصبحت من المدن التجارية الهامة واشتهرت بالثياب الصوفية تصدرها إلى الخارج، كما عرفت بزراعة القمح والقطن، ووصفها ابن بطوطة في رحلته بأنها "من بلاد ملك العراق وبها منزل أمرائه وعماله، وأنها مدينة حسنة العمارة واسعة الشوارع وأسواقها غاصة بالناس وبها دار مثل المدرسة تسمى دار السيادة"، هذا وقد نقل هذا الوصف لي سترانج في كتابه بلدان الخلافة الشرقية، ص ١٧٩ - ١٨٠.
(٣) إزاءها في هامش هـ: "قصة الهندي في القتل على باب الصالحية بعد صلاة الجمعة".