للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي يوم الأربعاء توجّه القاضي المستقر إلى مصر على العادة، وكان الذي استقر في نيابة الحكم شخص يقال له حسن الأمْيوطِي (١) كان رسولًا في الحكم فنقم عليه شيء، وصار يتوكل في المحاكمات، ثم اتّصل بالقاضي المستقر.

فلما كان هذا اليوم طلع القلعة ومعه شيء من الذهب الموعود به، فخلع عليه قباء مطرّز فاستمرّ لابسه وهو راكب قُدَّام القاضي من مصر إلى القاهرة في الشّارع، وتَعجّب الناس من ذلك.

* * *

وفيه نزلت صاعقة بجُدَّة فأتلفت شيئًا كثيرًا، ووقع حريق، وهلك نحو مائة نفس، وتلف لبعض التجار مالُ كثير (٢).

ومن العجائب أن البضاعة المتعلقة بالسلطان ظلت سالمة، ويقال إن غالب الأبنية المتجددة في جدّة احترقت، واحترق أيضًا مركبان بما فيهما من البضاعة، ووقعت وقعة بين القوّاد وجَانبك شادّ جُدَّة، فجرح عدة أشخاص، ثمّ أصلح بينهم مَن كان أمير مكة (٣).

وفي العشر الأخير منه - وكان موافقا لأوائل بَشَنْس من أشهر القبط - زاد النيل زيادة كبيرة، وشاهدْتُ المقياس واعتبرتُه فوجدت الماء في نصف الذراع الثامن، هذا وقد بقى للأمد المعتاد أكثر من أربعين يومًا.

وفي السابع عشر منه طيف بالمحمل وخَرَج الحاج، وفي الظنّ أنهم قليل، فاجتمع في بركة الحبش (٤) خلائق بحيث أنهم صاروا ثلاثة ركوب، وكان أمير الأول ولد الدويدار الكبير، وأمير المحمل غرس الدين خليل الذي كان أمير الإسكندرية، وتوجه جمعٌ كبير من الركبين صحبة جماعةٍ من الخاصكية. وسافر الأول يوم الأحد.


(١) انظر الضوء اللامع ٣/ ٣٩٧.
(٢) انظر تفصيل هذا الخبر في إتحاف الورى ٤/ ١٠١ - ١٠٢.
(٣) راجع إتحاف الورى ج ٤، ص ١٠٢، ١٠٣. أما أمير مكة حينذاك فكان الشريف بركات بن حسن بن عجلان.
(٤) ربما أراد المؤلف أن يقول "بركة" الجب التي تسمى بجب عميرة وهي التي صارت بركة الحجاج أو بركة الحاج، والتي يبرز إليها الحجاج عند خروجهم من مصر إلى مكة، راجع خطط المقريزي ٢/ ١٦٣ أما بركة الحبش الواردة في بعض النسخ الأخرى من الانباء فتقع قبلى الفسطاط بين الجبل والنيل وكانت في الأصل أرضا مواتا فأحياها قرة بن شريك العنسي أمير مصر ولذلك تعرف باسم اسطبل قرة. ثم صارت فيما بعد وقفا على الأشراف العلويين من بني الحسن والحسين وذلك منذ سنة ٦٤٠. ويذكر أحد من شاهدوها في القرن التاسع الهجري أنها كانت أبهى ما تكون منظرا أيام فيضان النيل، انظر ما كتبه عنها بالتفصيل المقريزي في الخطط ٢/ ٢٦٥ - ٢٦٨.