للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأجازهُ، واختص به ونادمه، ثم بعد إقامته بمصر مدح ملوكها ورؤساءها، وقدم أخوه شمس الدين محمد (١) إلى القاهرة صحبة القاضي ناصر الدين بن البارزي، فسعى لأخيه في كتابة السر بطرابلس، فوليها، ثم قدم الديار المصرية ابن البارزي فقطنها وقرّر في كتابة الإنشاء، ثم ولى وظيفة الإنشاء بعد ابن حجة، وكانت بيده وظائف تلقاها عن أبيه فاستمرت معه.

وولى قضاء الباب بعد والده فاستمر معه إلى أن مات واعتراه في آخر عمره انحراف بعد أن كان في غاية اللطافة والكياسة.

سمعْتُ من نظمه، وطارحني بلغز في النعام نثرًا من إنشائه فأجَبْتُه. وكان كثير النّفور من الناس جدا.

بلغني أنه قارب السبعين، ومات في ليلة الثلاثاء (٢) ثاني المحرم، وقد تقدّم ذكر أبيه (٣).

١٥ - عبد الرحمن، القاضي نور الدين، ابن الشيخ جلال الدين نصر الله البغدادي (٤) أخو قاضي القضاة محب الدين، كان ينوب في الحكم عن أخيه وناب قبل ذلك عن ابن المغلى، وكان في ابتداء أمره حريريا بحانوت على باب النصر (٥)، ثم جلس في الشهود إلى أن ناب عن أخيه فحكم فيه، ثم ولى قضاء صفد استقلالًا، فأقام بها سبع سنين، ثم حجّ في أواخر شعبان سنة سبع وثلاثين وجاور سنة ثمانٍ، ورجع إلى القاهرة في أوائل سنة تسع وثلاثين فأقام بها ينوب عن أخيه إلى أن مات في يوم الجمعة تاسع شعبان، وكان الجمع في جنازته وافرًا، ولم أصَلِّ عليه، لأنه أخْرج وقت صلاة الجمعة، وأنا صليْتُ في جامع القلعة بالسلطان.

ومولده سنة ٧٨٢، وقدم مع أبيه بعد التسعين وهو أصغر الإخوة، وله سماع من بعض شيوخنا، وكان حسنَ المودّة كثير البشاشة، وفي كثير من أحكامه مغال، والله يعفو عنه.


(١) انظر الضوء اللامع ٩/ ٢٣٤.
(٢) في هامش هـ بخط البقاعي: "إنما مات يوم الإثنين مستهله"، راجع أيضًا الضوء اللامع ٤/ ٣٤٣، وشذرات الذهب ٧/ ٢٣٥.
(٣) راجع عنه إنباء الغمر ٢/ ٢٨٤ برقم ٣٦ والضوء اللامع ٧/ ٦٤٣.
(٤) قال السخاوي عنه في الضوء اللامع ٤/ ٤٠٩ "التستري الأصل" وذكر أن مولده كان ببغداد سنة ٧٧١.
(٥) في الضوء اللامع ٤/ ٤٠٩ "باب القصر".