للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان السلطان -قبل ذلك- قبض على قانباي اليوسفي، لأنه قيل له إنه صديق طُوغان فضربه به فلم يقرّ بكبير أمر، فسجنه حتى وصل طُوغان فعُصِرَا جميعا فأقرُّا بالواقعة، وأنّ قانباي كان رأسا في هذه الفتنة، وهو الذي أطمع السلطان العزيز وأعلمه بخبر النّواب، وأنه لم يصل إلى القاهرة حتى اتفق الجميع على العصيان.

وذكر طوغَان أنه فارقَ العزيز بضواحي الشهداء (١) بغَلَس، ثم ظهر كذبه، وأنه أقام في مشهد ذي النون ثلاثةَ أيّام، وبمصر في قاعة بين المطابخ بنواحي سوق شنودة سبعة عشر يومًا، فلما بلغه إمساك طُوغان [الأشر فى الزردكاش] وإحضارُه خرج.

* * *

وفي يوم الثلاثاء ثانى عشريه رحل [الركب] الأول من بركة الجب.

يوم الأربعاء رحل الركب مع أمير المحمل تامى بك أحد الأمراء المقدّمين، وقد استقرّر في الحجوبية الكبرى قبل سفره، وكان الملح كبيرًا جدًا حتى كانوا خمسة رُكُوب: الأول، والمحمل، والتكاررة، والمغاربة، والينابعة.

وفي يوم الجمعة خامس عشري شوّال لبس السلطان الأبيض، ووافق ذلك نصف برمودة من الأشهر القبطية (٢)، فسبق العادة قبل شهر، واستمرّ البرد في أول النهار بقوّة، وابتدأ الموت بالطاعون.

* * *

وفي هذا اليوم (٣) قُبض على إينال الجَكمي نائب الشام، وأصْعِدَ إلى القلعة بدمشق مقيدًّا وكان السبب في ذلك أنّ نائب الشام أقبغا التّمْرازي رحل من غزة في النصف من


(١) "الشهداء" من البلاد المصرية القديمة بمركز شبين الكوم وكان قد قتل فيها أنصار عبد الله بن الزبير أمام مروان بن الحكم وجنده سنة ٦٥ هـ. فاطلق عليها اسم مقابر الشهداء في بادئ الأمر. انظر محمد رمزي: القاموس الجغرافي، ق، ج ٢، ص ١٨٥ وهي حاليا بندر لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية.
(٢) التاريخان الهجري والقبطي مطابقان لما ورد في جدول سنة ٨٤٢ بالتوفيقات الالهامية، ويوافقهما العاشر من ابريل سنة ١٤٣٩ م.
(٣) يستدل من ورود هذا الخبر في أعقاب الخبر السالف على أن القبض على إينال الجكمي وحبسه بقلعة دمشق كان يوم ٢٥ شوال وهذا ما يعود ابن حجر لتأكيده فيما بعد. لكن النجوم الزاهرة ٧/ ٩٠ تؤكد أن قتال عسكر مصر مع جند الشام وانهزام إينال الجكمي كان يوم الأربعاء مستهل ذي القعدة.