صورة الشيخ سرور إلى أن تمت، ونفي إلى المغرب بأمر السلطان، ثم شفع به فأمر بإعادته، فصادف أنه كان أنزل في مركب إفرنجي ليسافر به إلى بلاد المغرب فوصل البريدي مساء، ففهموا أنه جاء في إطلاقه فغالطوه بقراءة الكتاب إلى أن يصبح ودسوا إلى الفرنجي فأقلع بمركبه ليلاً، فلما أصبحوا وقرئ الكتاب أمر بإصعاده، فقيل سافر في المركب، ورجع البريدي واستمر سفر الشيخ سرور -، فلم ينتفع القاضي بعده بنفسه بل استمر متعللاً، واشيع موته مراراً إلى أن تحقق ذلك في هذا الشهر ذي القعدة، أظنه جاوز الستين، وعين للقضاء بعده الشيخ شهاب الدين التلمساني، فوليه وتوجه فباشره، وتحفظ بمباشرته إلى أن شاعت سيرته المستحسنة واستمر، وانطفأت تلك الجمرة كأنه لم تكن، ولم يترك جمال الدين بعده من يخلفه من أهل بيته، وانقطع خبر الشيخ سرور فقيل إن الإفرنجي اغتاله فلحق الظالم بالمظلوم فكانا كما قال الله تعالى ضعف الطالب والمطلوب.
عبد الرحمن بن علي الشيخ زين الدين ابن الصائغ كاتب الخط المنسوب، تعلم الخط المنسوب من الشيخ نور الدين الوسمي، فأتقن قلم النسخ حتى فاق فيه على شيخه، وأحب طريقة ابن العفيف فسلكها، واستفاد فيها من شيخنا الزفتاوي وصارت له طريقة منتزعة من طريقة ابن العفيف وغازي، وكان الوسمي كتب على غازي وغازي كتب اولاً على ابن أبي رقيبة شيخ شيخنا الزفتاوي وهو تلميذ ابن العفيف، ثم تحول غازي عن طريقة ابن العفيف إلى طريقة ولدها بينها وبين طريقة الزكي العجمي، فاق أهل زمانه في حسن الخط ونبغ في عصره شيخنا الزفتاوي لكنه لم تحصل له نباهة لسكناه بالفسطاط، ومهر عبد الرحمن وشيخنا