(٢) علق البقاعي على هذا بقوله: "كان الناصر محمد بن الظاهر شكلا حسنا وذاتا لطيفة مع أخلاق دمثة وفضيلة تامة، وعقل وافر، وبشاشة مفرحة، وتواضع لطيف لاسيما مع طلبة العلم، وذكاء مفرط، وحافظة معتدلة، سمعت شيخنا المصنف (يعني بذلك ابن حجر) يتعجب من اجتماعها له. وكانت له بديهة جيدة … حدثنا أن شخصا قال إنه يريد مدح الصاحب كريم الدين بن كاتب المناخ قال، فقالت له اجعل القصيدة ميمية واجعل مخلصها: وافتخرت مصر على أهلها … بطلعة الصاحب عبد الكريم وكان ذلك بحضرة من كان حاضرا مجلسه، وحدثنا بما قال، قال جاءنا مرة إلى الربيع شخص ثقيل فنشبت به السن الجماعة ينكتون عليه ويخجلونه، فقال أحدهم "هو جبل المقطم" فقلت أنا: "لا، بل جبل خرا" إلى غير ذلك من البدائه الحسنة الرائقة. وكان يشارك في غالب الفنون. الفقه والأصلين والنحو والحديث والتاريخ، ويذاكر بشيء كثير من ذلك لاسيما الحديث والشعر، وكان ملازمًا لكاتبه، يتردد إليه من سلطنة أبيه إلى الغور شيخنا قاضي القضاة سعد الدين بن الديري للفقه، وشيخنا الحافظ ابن حجر للحديث، والشيخ محيي الدين الكافيجي للأدب والمعقولات، هذا مع الشجاعة والفروسية وإدمان العلاج والرمي وغيره من آلات الحرب، وكان فيه سمن فلما ولى أبوه الملك زاد (السمن) به فخشى من إفراط، فتداوى له حتى زال، وترك أكل الخبز من أجله. واختلف الناس في علته، فمنهم من يقول من التداوي، ويذكر أنه أدمن شرب الخل على الريق. وأنه أكل الزجاج البكر، وآخر يقول "مسحور" وآخر يقول "مسموم". واستمر عليلا من أواخر شعبان إلى أن توفي في ثاني عشري ذي الحجة من السنة. وكانت جنازته عظيمة الشأن لا يحصى حاضروها وكثر الباكون بها. ولقد كان السلطان يبكي عليه. ﵀".