للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها جاء رجل جندي إلى الصالحية فنزل عن فرسه وسأل عن القاضي المالكي وقال: أريد أن يطهرني فإني مرتد عن الإسلام، فأمسك وأحضر إلى جمال الدين المحتسب، فضربه وسجنه وسأل الأطباء أن كان مختل العقل أولاً فيقال، إنهم شهدوا أنه مجنون فسجن بالمارستان.

وفيها في أوائل رجب شاع بين الناس أن شخصاً يتكلم من وراء حائط فافتتن الناس به، واستمر ذلك في رجب وشعبان، واعتقدوا أن المتكلم من الجن أو الملائكة، وقال قائلهم: يا رب سلم! الحيطة تتكلم.

وقال ابن العطار:

يا ناطقاً من جدار وهو ليس يرى ... أظهر وإلا فهذا الفعل فتان.

لم تسمع الناس للحيطان ألسنة ... وإنما قيل للحيطان آذان.

ثم تتبع جمال الدين المحتسب القصة وبحث عن القضية إلى أن وقف على حقيقتها، فتوجه أولاً إلى البيت فسمع الكلام من الجدار فرسم على الجندي جار المكان وضرب غلامه وقرره وأمر بتخريب الدار فخربت، ثم عادوا بعد ذلك وسمعوا الكلام على العادة، فحضر مرة أخرى فأمر من يخاطب المتكلم فقال: هذا الذي تفعله فتنة للناس فإلى متى؟ قال: ما بقي بعد هذا اليوم شيء، فمضى ثم بلغه أنه عاد وقوي الظن وأن القصة مفتعلة، فلم يزل يبحث حتى عرف باطن الأمر وهو أنه وجد شخصاً يقال له الشيخ ركن الدين عمر مع آخر يقال له أحمد الفيشي قد تواطأا على ذلك وصارا يلقنان زوج أحمد الفيشي ما تتكلم به من وراء الحائط من قرعة تصير الصوت مستغرباً لا يشبه صوت الآدميين، فانتهى الأمر إلى برقوق فسمرهم بعد ضرب الرجلين بالمقارع والمرأة تحت رجلها وحصل لكثير من الناس عليهم ألم عظيم، وخلع على جمال الدين خلعة بسبب ذلك، وقيل إن أصل ذلك أن المرأة كانت تغار من زوجها فرتبت مع الشيخ عمر أن يتكلم لها من وراء الحائط من القرعة وينهاه عن أذاها، فنقب الحائط إلى أن لم يصر منه سوى قشرة

<<  <  ج: ص:  >  >>