للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وركب القرعة وتكلم من ورائها فقال له في الليل بذلك الصوت المنكر: يا أحمد! اتق الله وعاشر زوجتك بالمعروف فإنها امرأة صالحة وكرر ذلك، فارتاع الرجل وصالحها. فلما طالت المدة وتراضيا أطلعته المرأة على الحيلة فانفتح لهم دكان تحصيل فصار الناس يهرعون إلى بيت أحمد الفيشي ليسمعون الكلام واستقرت المرأة هي التي تتكلم وأعان المحتسب على الاطلاع على أمرهم أن الكلام الذي كان يسمع ليس فيه إخبار عن مغيب ولا عن حادث يأتي. وكان الركن عمر قد أقام بجامع عمرو ثلاثين سنة على قدم جيد والناس يتبركون به ويزورونه، وكانت الواقعة منهم في ثاني رجب وكان أحمد المذكور أحد العدول الجالسين بالقرب من الجامع الأزهر وسكن بالقرب من زاوية ابن عطاء.

وفيها وقع الخلف بين الأمراء الثلاثة فتواطأ برقوق وبركة على أينال اليوسفي فبلغه ذلك فأضمر الشر، فاتفق أن خرج بركة في شعبان إلى البحيرة للصيد على العادة فانقطع أينال في بيته وأظهر أنه ضعيف فسلم عليه برقوق مرة بعد مرة ثم إنه ركب مرة إلى المطعم فبلغ ذلك أينال فركب إلى الإصطبل وذلك يوم الاثنين رابع عشرين شعبان فملك الإصطبل ونهب أصحابه بيت برقوق واستولى على ما في خزائن برقوق وألبس من وجده من مماليك برقوق السلاح ووعدهم بالمال والإقطاعات، وقبض على جركس الخليلي وأمر بضرب الكوسات وطلب أينال من الزمام أن ينزل له السلطان إلى الإصطبل فامتنع فطار إلى برقوق فخاف فقوي أيتمش عزمه وأنزله في إصطبله وألبس مماليكه وركبوا في خدمته وطلعوا من باب الوزير وقصدوا القاعة على حين غفلة من أصحاب أينال لاشتغالهم بالنهب فأحرقوا بابا السرو ودخلوا منه واجتمع معهم من العامة ما لا يحصى، فساعدوهم بالعصى والحجارة لما قاتلهم أصحاب أينال فانكسر الأينالية وأظهر أينال من الشجاعة ما لا مزيد عليه، ووقعت في أينال نشابة من بعض مماليك برقوق فجرح فانهزم إلى بيته مكسوراً، فأرسل برقوق في أثره فأسر وأحضر إليه فقرره ليلاً عمن تواطأ معه من الأمراء فلم يعترف بشيء وحلف له أنه ما كان غرضه إلا الذب عن نفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>