أصحاب الرحلة في تتبع الأخبار ما بين صعيد مصر واسكندريتها وبلاد الشام والحجاز واليمن، ولقد أتاحت له هذه الأسفار مزيدًا من الأخبار والتراجم لا نجدها بهذه الوفرة وتلك الدّقة عن غيره ممن عاصروه كالمقريزى والعينى وأبى المحاسن. بل إن المقارنة بين الأحداث والتراجم التي ذكرها ابن حجر في هذا الكتاب وبين مثيلاتها عند هؤلاء المؤرخين الثلاثة على وجه الخصوص تجعل لصاحبنا الصدارة في المجال التاريخي، نقول هذا بعد نظر طويل في مؤلفات ذلك العصر على الإجمال، ثم إن هناك مصدرًا آخر لم يتوفّر لهؤلاء المؤرخين الآخرين - وإن توَفّر فتوَفُّرٌ مجزوء - وهو ذو شقين: أحدهما تولِّى ابن حجر بعض المناصب الكبرى في الدولة المملوكية ممَّن شاركه في بعضها غيره، أو مناصب لم يشركه فيها سواه كالإفتاء ودار العدل وقضاء القضاة الشافعية.
أما الشق الآخر فهو معرفته الشخصية لبعض السلاطين معرفةً ترقى إلى حد الصداقة والمجالسة واستشارتهم إياه فيما بَهُم عليهم وأغلق من أمور السياسة ذات الصلة بالشرع، حتى لقد أخذ بعض الأخبار عنهم ناسبًا كل خبر لمصدره، وبذلك توفرت له المادة التاريخية إلى جانب الصنعة التاريخية التي هيأتها لها دراساته العميقة للأحاديث الشريفة ورجالاتها.
* * *
ولقد كانت النية في مبدأ الأمر الاعتماد في نشر هذا الكتاب على النسخة التي كتبها ابن حجر بخط يده والمحفوظة بمكتبة الظاهرية بدمشق، ولم أكتف بذلك بل رجعتُ إلى سبع نسخ أُخرى، وهذا بيانها كلها ورموزها المستعملة في حواشي هذه النشرة:
ظ: نسخة بخط المؤلف في المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم ٢٤١ تاريخ.
ز: نسخة بمكتبة الجامع الأزهر بالقاهرة رقم ٧١٠ تاريخ.
ل: نسخة بالمتحف البريطاني بلندن رقم Add. ٧٣٢١.
ك: نسخة بمكتبة أحمد الثالث بتركيا رقم ٢٩٤٢/ ١.
ف: نسخة بالمكتبة الأهلية بباريس رقم ١٦٠١.
هـ: نسخة في السعيدية بحيدر أباد، بالهند، رقم ٩٤ تاريخ.
ش: نسخة المدينة المنورة، رقم ٥٢٣ مدينة.
ع: نسخة خزائنية بصنعاء، على فيلم بدار الكتب المصرية.