للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تاج الدين الخروبي وقريبهم ركن الدين الخروبي وغيرهما، وضمن لبركة أَن يخلص له منهم مائة أَلف دينار فأَجابه إلى جميع ذلك. فبلغ ذلك أَقاربه فسعوا عليه عند القبط، فوصل الأَمر إلى برقوق فأَنكر ذلك، وطلب المذكور وضُرب بحضرته بالمقارع، وضُرب معه فقيه خضر وجُرِّسا بطراطير، وذلك في أَوائل: شهر رمضان بمصر والقاهرة، ونودى عليهما: "وهذا جزاءُ من يتحدث فيما لا يعنيه"، وهرب ابن خاص ترك، ثم نُفى كمال الدين المذكور إلى قوص، فتغرب هناك إلى أَن مات.

* * *

وفيها ادعى شخص فقير أَنه محمد بن عبد الله النبي الأُمى، فقُبض عليه وسُجن بالمرستان، وكان سئل عن معجزته فقال: "إن أَحرف القرآن تنطق لى"، وسئل أَيضا فاعترف بنبوة محمد ابن عبد الله رسول الله، وأَنه أَرسل بعده ليُقِرَّ شرعه، وأَنه وُعد بالسلطنة والحكم والعدل؛ فشهد رؤساء المرستان أَن في عقله اختلالًا، فقيد زمانًا ثم أُطلق.

وقد رأَيته بعد ذلك بمدة طويلة وهو يستعطى الناس فلا يذكر شيئًا مما تقدم، ويتأَذّى ممن يذكر له ذلك.

* * *

وفي جمادى الآخرة عُقد مجلس بسبب عزِّ الدين الرازى حين ولى تدريس الحديث بالمنصورية، فقام في ذلك الشيخ برهان الدين الأَنباسي والشيخ زين الدين العراقي وغيرهما وقالوا: "إن هذا لا يعرف شيئًا (١) من الحديث"، فلما اجتمعوا أُعْطِي جزءًا من "صحيح البخاري" ليقرأَ فيه بالحاضر فقرأَ شيئًا فصحف في مواضع واضحة فافتضح، وانفضل الأَمر على ذلك. فأَراد جمال الدين المحتسب ستر القضية، فأَخذ التدريس لنفسه من الناظر وخشى الشناعة فأَحضر بعض المحدّثين إلى منزله وقرأَ عليه الحديث، وواظب على سماع الحديث على بعض المشايخ كالآمدي والدجوى فصاروا يحضرون إلى منزله، واستمر تدريس الحديث بيده ثم استقر فيه ولدُه بعده إلى أَن صار إلى كاتبه (٢).

* * *


(١) عبارة "من الحديث. . . . . . . . . فقرأ شيئا" ساقطة من ز.
(٢) يعني ابن حجر بذلك نفسه.