للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٥ - محمد (١) بن محمد بن محمود بن أحمد الرومى البابرتى: أكمل الدين بن شمس الدين بن جمال الدين، وُلد سنة بضع عشرة وسبعمائة، واشتغل بالعلم ورحل إلى حلب فأَنزله القاضي ناصر الدين بن العديم المدرسة السادجية فأَقام بها مدّة، ثم قدم القاهرة بعد سنة أَربعين فأَخذ عن الشيخ شمس الدين الأَصبهاني وأبي حيان، وسمع من ابن عبد الهادي والدّلاصي وغيرهما، وصحب شيخون واختص به وقرره شيخا (٢) بالخانقاه التي أَنشأَها وفوّض أُمورها إِليه فباشرها أحسن مباشرة.

وكان قويّ النفس عظيم الهمة، مهابا عنيفا في المباشرة: عمّر أَوقافها (٣) وزاد معاليمها، وعُرض عليه القضاء مرارًا فامتنع.

وكان حسن المعرفة بالفقه والعربية والأُصول، وصنف "شرح مشارق الأَنوار"، وشرح "اليزدري" و "الهداية" وعمل تفسيرًا (٤)، وشرح "مختصر ابن الحاجب" وشرح "المنار والتلخيص" وغير (٥) ذلك. وما علمْتُه حدّث بشيءٍ من مسموعاته، وكانت رسالته لا تردّ حسن البشر والقيام مع من يقصده والإِنصاف والتواضع والتلطُّف في المعاشرة والتنزّه عن الدخول في المناصب الكبار، بل كان أَصحاب المناصب على بابه قائمين بأَوامره مسرعين إِلى قضاءِ مأْربه.

وكان الظاهر يبالغ في تعظيمه حتى إِنه إِذا اجتاز به لا يزال راكبًا واقفا على باب الخانقاه إِلى أَن يخرج فيركب معه ويتحدّث معه في الطريق، ولم يزل على ذلك إِلى أَن مات في ليلة الجمعة تاسع عشر شهر رمضان. وحضر السلطانُ فمَن دونه جنازته، وأَراد السلطان حمْلَ نَعْشه فمنعه الأُمراء راء وحملهُ أَيتمش وأحمد بن يلبغا وسودون النائب ونحوهم، وتقدّم في الصلاة عليه عزّ الدين الرازي ودفن بالخانقاه المذكورة.


(١) أمامها في ز "الشيخ أكل شارح الهداية وذكر تواليفه".
(٢) في ل، هـ "شيخنا".
(٣) بقصد بذلك أوقاف الخانفاه الشيخونية وذلك أنناء مباشرته إياها.
(٤) في هامش ز إسارة بالحبر الأحمر وبخط فارسي: "هو ليس بتفسير مستقل بل حاشية على تفسير القاضي البيضاوي لكنه لم يكمله. رأيته وطالعته وانتفعت به" وليس الكلام في هذا لابن حجر ولكن لمطالع نسخة ز.
(٥) هنا إشارة بالمداد الأحمر وتحتها في هامش ز بخط فارسي: "وشرح الوصية للإمام الأعظم في أصول الدين ونسخته موجودة بخطد عند الفقير". أي مالك نسخة ز.