للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ٧٥٤ وكان والده كثير المراعاة للعلماء والتعهد للصالحين، وكان السلاطين من بلاد سراي قد فوضوا إليه النظر على أوقافهم، فكان تحمل إليه الأموال من أقطار البلاد ولا يتناول لنفسه ولا لعياله شيئاً وكان يقول: إنما أتحدث لهم وأتجنبه ليرزقني الله ولداً صالحاً، ثم مات الشيخ سنة ثلاث وستين، وخلف ولده هذا ابن تسع سنين، وقد لاحت آثار النجابة عليه، فلازم الاشتغال حتى اتقن كثيراً من العلوم، وتقدم في التدريس والإفادة وهو دون العشرين، ثم رحل من بلاده فما دخل بلداً إلا عظمه أهلها لتقدمه في الفنون ولا سيما فقه الحنفية ودقائق العربية والمعاني، وكانت له مع ذلك يد طولى في النظم والنثر، ثم حبب إليه السلوك فبرع في طريق الصوفية، وحج وجاور ورزق في الخلوات فتوحات عظيمة، واخبر عن نفسه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تسليما في المنام فاستقرأه أوائل سورة البقرة، ثم قدم القاهرة، ثم رجع إلى المدينة فجاور بها ثم رجع فأقام بخانقاه سعيد السعداء، واستقر مدرساً للمحدثين بالظاهرية الجديدة أول ما فتحت بين القصرين، وقرر مدرساً بالصرغتمشية في الحديث أيضاً، قال الكلستاني: ثم إن بعض الحسدة دس إليه سماً فتناوله فطالت علته بسببه إلى أن مات في المحرم، ومن كلامه الدال على ذكائه قوله: أعجب الأشياء عندي البرهان القاطع الذي لا مجال فيه للمنع والشكل الذي يكون لي فيه فكر ساعة.

ومات فيها من الترك ونحوهم أرنبغا التركي مقدم البريدية، مات في صفر.

واشقتمر المارداني نائب حلب وليها مراراً، وولي تقدمة الشام مرتين، ثم أصيب بوجع رجليه فعزل وأقام بحلب بطالاً إلى أن مات في شوال،

<<  <  ج: ص:  >  >>