للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُقد له مجلس عند الناصري. فقال له (١) ابن خلدون الذي كان قاضي المالكية: "يا أمير: أنت صاحب الشوكة وحكمك نافذ، فاحكم بحقن دمه وإطلاقه" فأُطلق، وذلك في سادس هذا الشهر.

وكان (٢) في الأيام الظاهرية قد وقع له نظير ذلك. فيقال إنه برطل بأربعمائة ألف درهم حتى حلص. وكان القائم في أمره كريم الدين بن مكانس وهو يومئذٍ متولى أمور ديوان الناصري، ومحبُّ الدين بن الإمام، وهو شاهده وغيرهم من خاصكيته، فأخرجوا ابن سبعٍ من حبس ابن خير.

وكان ممَّن حضر المجلس المعقود له في الإسطبل: الشيخُ سراج الدين البلقيني، والقضاةُ يومئذ ابن الميلق والطرابلسي وابن خير ونصر الله، فجهد الناصري أن يَحْكم أحدٌ منهم بقبول إسلامه وحقن دمه، فامتنع لكون ابن خير سبق بالحكم بإراقة دمه.

فلما أُطلق ابنُ سبع، بعد أن حكم الناصري بحقن دمه بحكم إسلامه ونفَّده القضاة توجّه إلى بلاده، فاتفق أن دخل الحمام فدخل عليه جماعة فقتلوه وذهب دمه هدرًا.

* * *

وفى هذا الشهر استقر شهاب الدين أحمد بن عمر القرشي في قضاء الشافعية بدمشق عوضا عن سرى الدين.

وفى ربيع الآخر مات الشيخ شرف الدين بن الأشقر، فاستقرّ في العسكر عوضا عنه سراجُ الدين القيسرى، ثم انفصل منه في شهر رجب، واستقر بدر الدين محمود الكلستانى، وعُزل همام الدين عن حسبة مصر، واستقر شمس الدين بن العلاف فيها، وكان ابن العلاف يؤدب الأطفال بمصر، وهو أحد من أقرأنى القرآن، ثم سافر إلى حلب واتصل بيلبغا الناصري فاستقر في إمامته ووصل معه إلى القاهرة فولاه الحسبة. واستقرّ علاء الدين ألبيرى موقعُ يلبغا الناصري في توقيع الدست.

* * *


(١) الكلام هنا موجه من ابن خلدون إلى يلبغا الناصري.
(٢) المقصود هنا ابن سبع شيخ العرب.