للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جمعه، ثم هجم برقوق ومن (١) معه على دمشق فدخلوها، فرمى عليهم العوامُ بالحجارة والمماليكُ بالسهام فكسروهم ونهب العامة وطاقه (٢) في الميدان حتى لم تبق لهم خيمة واحدة، وباتوا تلك الليلة تحت السماء وكل واحد قد أَمسك عنان فرسه بيده، فأَصبحوا في شدَّة عظيمة ويئسوا من أَنفسهم، فوصل إليهم في تلك الحال إينال اليوسفى وقجماس ابن عمّ السلطان ومعهما نحو مائتي نفس من مماليك الظاهر مستعدّين بالسلاح؛ وصلوا إليه من صفد.

وكان السبب فيه أَن يلبغا السالمي - وهو من مماليك الظاهر - خدم دويدارًا عند قطلوبك النظامي النائب بصفد، فلما بلغه توجّهُ الظاهر من الكرك ووقعة شقحب وتوجهه إلى دمشق اتفق مع مَن كان هناك من مماليك الظاهر أَنهم يتوجهون إلى الظاهر فتجهَّزوا وأَعانهم، فبلغ ذلك النائبَ فخرج من ورائهم ليردّهم. فعمد يلبغا إلى الحبس فأَخرج منه إينال اليوسفى وجمعًا من المسجونين فملكوا القلعة، فلما رجع النائب أَسقط في يده وهرب، فنهبوا حواصله وتوجّهوا إلى برقوق فوجدوه نازلًا على قبة يلبغا في الحالة المذكورة فكانوا له فرجًا عظيما وقوى بهم ورجعوا إلى حصار دمشق.

وفى الثاني عشر من ذى الحجة وصل كمشبغا الحموى من حلب فنزل مرج دمشق فتلقَّاه مماليك الظاهر، فحضر عند الظاهر وقَدَّم له أشياء كثيرة فقويت أَحوال برقوق بعد أَن كادت تتلاشَى، ومن جملة من قدم معه بكلمش العلائي وبهادر مقدّم المماليك.

وفى شعبان قَبض منطاش على عنان بن مخامس أَمير مكة وحبسه مقيَّدًا وأَفرج عن محمود الأستادار، ولما بلغ نعيرَ بن حيار أَميرَ العرب مَسْكُ الناصري اتفق هو وسولى بن ذلغادر وخرج عن الطاعة.

* * *

وفى عاشر رمضان قَتل أَهل الكرك الشهاب أَحمد البريدى وكان من أَهل الكرك وتزوج بنت العماد أَحمد بن عيسى قاضى الكرك ثم طلَّقها أبوها منه فوصل حتى خدم عند منطاش، فجهّزه بعد أَن حكم بقتل برقوق، فقدم الكرك وتوعّد قاضيها وأَهلها بكل سوء.


(١) "ومن معه" ساقطة من ز.
(٢) الوطاق كلمة تركية الأصل، يقصد بها الخيمة والمعسكر انظر ٨١. Dozy: Supp. Dict. II p