للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان قد اشتهر بمعرفة الخيل فطلبه صاحب خيل السلطان بسمرقند، فقرره في خدمته فحظى عنده، واتفق أنه مات عن قرب (١)، فقرّره السلطان مكانه - وكان اسمه حسين من ذرية جنكزخان - وكانت هراة (٢) وغيرها من بلاد المشرق في مُلكه، فاستمر اللنك في خدمته إلى أن بدا منه إجرام على ما (٣) ألفه من تطبعه بالشر، فلما أحس باطلاع السلطان منه على ذلك خشي على نفسه فهرب، وانضم إليه جمع وعاد إلى قطع الطريق، فاهتم السلطان بأمره، وجهز إليه جيشا فظفروا به، فلما أحضروه استوهبه بعضُ أقارب السلطان فاستتابه وأقرَّه في خدمته رغبةً في شهامته، فاستمر إلى أن خرج خارج بسجستان (٤) - وكان ينوب فيها -، فجهز إليه السلطان عسكرا رأسهم اللنك، فأوقعوا بذلك النائب، واستولى اللنك منه على مال كثير، فقسمه بين العسكر الذين صُحْبَته واستغواهم في الاستبداد بذلك البلد وما حوله، فأطاعوه وعصوا على السلطان، فاتفق في تلك الأيام موت السلطان -واسمه حسين- وقام (٥) بعده ولده غياث الدين في المملكة، فجهز إلى اللنك عسكرا كثيفًا فلم يكن له بهم طاقة، ففر منهم إلى أن اضطروه إلى نهر جيحون (٦)، فترجَّل عن فرسه وأخذ معرفتها بيده وولج النهر سابحًا إلى أن قطعه ونجا إلى البر الآخر، فتبعه جماعة من أصحابه على ما فعل وانضموا إليه، وتبعهم جمعٌ كانوا على طريقته الأولى فالتفّوا عليه، وقصدوا نخشب (٧) - وهي مدينة حصينة - فطرقوها بغتة، فقتل أميرها واستولى اللنك على قلعتها واتخذها حصنًا له يلجأ إليه، ثم توجه إلى بلخشان (٨) وبها أميران من جهة السلطان، وكانا قريبَيْ العهد بغرامة ألزمهما


(١) "قريب" في ز.
(٢) هي من أمهات مدن فارس في خراسان، وقد صورها الشعر العربي بما يدل على خصب أرضها، انظر ياقوت: المعجم ٥/ ٣٩٦ ومراصد الاطلاع، ٣/ ١٤٥٥، وانظر أيضا لي سترانج: بلدان الخلافة الشرقية الفهرست البلدانى.
(٣) عبارة "ما .... خشى على" في السطر التالى غير واردة في ز ومن هنا حتى "خشي" في السطر التالي ساقط من هـ.
(٤) عرفها ياقوت: المعجم ١٩٠٣ ومراصد الاطلاع ٢/ ٦٩٤ بأنها ناحية كبيرة وولاية واسعة ومدينتها زريخ وبينها وبين هراة عشرة أيام وتقع جنوبها، وأرضها كلها رملة سبخة.
(٥) "وأقام ولده"، في ز.
(٦) هو في وادي خراسان، وهذا النهر مؤلف من عدة أنهار تتجمع فيطلق عليها هذا الاسم، ويمر بعدة بلاد حتى يصل إلى خوارزم ثم يصب في بحيرتها، انظر ياقوت المعجم ٢/ ١٩٦ ومراصد الاطلاع ١/ ٣٦٥، ولسترانج: بلدان؛ الخلافة الشرقية، الفهرست العمراني.
(٧) من مدن ما وراء النهر بين جيحون وسمرقند وليست على طريق بخارى، وبينها وبين سمرقند ثلاث مراحل انظر ياقوت: المعجم ٥/ ٢٧٦ مراصد الاطلاع ٣/ ١٣٦٣ ولي سترانج: شرحه، ص ٥١٣ - ٥١٤.
(٨) في ظ "بلخشتان"، وفى العزاوي: العراق بين احتلالين ١/ ١٢٤ "بدخشتان" راجع فهرست الأعلام فيه ص ٣٦٢، وهي بدخشان في لي سترانج: بلدان الخلافة الشرقية، ص ٤٧٩ - ٤٨٠، كذلك مراصد الاطلاع ١/ ١٧٢ وقال إن العامة تسميها بلخشان، وربما قيل فيها أيضا "بذخش" انظر أيضًا ياقوت المعجم: ١/ ١٣٠.