عبد الرحمن بن احمد بن مبارك بن حماد بن تركي بن عبد الله الغزي ثم القاهري أبو الفرج ابن الشيخة نزيل القاهرة، ولد سنة أربع عشرة أو خمس عشرة، وسمع من الدبوسي والواني والختني وعلي ابن إسماعيل بن قريش وابن سيد الناس وخلق كثير، وأجاز له ابن الشيرازي والقاسم بن عساكر والحجار وخلق كثير أيضاً، وطلب بنفسه وتيقظ وأخذ الفقه عن السبكي وغيره، وكان يقظاً نبيهاً مستحضراً، وكان يتكسب في حانوت بزاز ظاهر باب الفتوح، ثم ترك، وكان صالحاً عابداً قانتاً، وكان بينه وبين أبي مودة وصحبة، فكان يزورنا بعد موت أبي وأنا صغير ثم اجتمعت به لما طلبت الحديث فأكرمني، وكان يديم الصبر لي على القراءة إلى أن أخذت عنه أكثر مروياته، وقد تفرد برواية المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم قرأته عليه كله، وحدث بالكثير، من مسموعاته وقال لي شيخنا زين الدين العراقي مراراً: عزمت على أن اسمع عليه شيئاً، مات في تاسع عشرين شهر ربيع الآخر، وقد تغير قليلاً من أول هذه السنة، قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري وأجازنيه، كان لا يدخل في الوظائف، ولما فتح الحانوت في البركان يديم الاشتغال والعبادة، فاتفق أن شخصاً أودع عنده مائتي دينار فوضعها في صندوق بالحانوت، فنقب اللصوص الحانوت واخذوا ما فيه، فبلغ صاحب الذهب فطابت نفسه ولم يكذب الشيخ ولا اتهمه، فاتفق أن الشيخ رأى في النوم بعد نحو ستة أشهر من يقول له: عن اللص لما أخذه وقع منه في الدورند، فأصبح فجاء إلى الحانوت فوجد الصرة كما هي قد غطى عليها التراب فغابت فيه، فأخذها وجاء إلى صاحب الذهب فقال له: خذ ذهبك، فقال: ما علمت منك إلا الصدق والأمانة وقد نقب حانوتك وسرق الذهب فلم كلفت نفسك واقترضت هذا الذهب؟ فحدثه بالخبر فقال: أنت في حل منه، وامتنع من أخذه