للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبايعه الخليفة - وهو المتوكل محمد بن المعتضد - والقضاة والأمراء ومن معهم وخلعوا الصالح حاجي بن الأشرف وأُدخل به إلى دور أهله بالقلعة.

فلما كان بعد ذلك بمدة خرج عليه يلبغا الناصري واجتمع إليه نواب البلاد كلها، وانضم إليه منطاش وكاتب أمير ملطية ومعه جمع كبير من التركمان، فجهز إليهم الظاهر عسكراً بعد عسكرٍ فانكسروا؛ فلما قرب الناصري من القاهرة تسلل الأمراءُ المصرية إليه إلى أن لم يبق عند الظاهر إلَّا القليل، فتغيب واختفى فى دار بقرب المدرسة الشيخونية ظاهر القاهرة، فاستولى الناصري ومن معه على المملكة واستقر الناصري أتابكاً بمصر، وأُعيد حاجي إلى السلطنة ولقب: "المنصور".

وأراد منطاش قتْل برقوق فسبقه الناصرى إلى الكرك فسجنه، ثم لم يلبث منطاش أن ثار على الناصري فحاربه إلى أن قبض عليه وسجنه بالإسكندرية واستقل بتدبير المملكة، وكان [منطاش] أهوج فلم ينتظم له أمر، وانتقضت عليه الأطراف فجمع العساكر وخرج إلى جهة الشام، فاتفق خروج الظاهر من الكرك وانضم إليه جمعٌ قليل، فالتقوا بمنطاش فاتفق أنه انكسر وانهزم إلى جهة الشام، واستولى الظاهر على جميع الأثقال وفيهم الخليفة والقضاة وأتباعهم، فساقهم إلى القاهرة.

واتفق خروج المسجونين من مماليكه بقلعة الجبل، فغلبوا على نائب القلعة (١)، فدخل الظاهر واستقرت قدمه بقلعة الجبل، وأعاد ابن الأشرف إلى مكانه من دور أهله وذلك في أوائل سنة اثنتين وتسعين. ثم جمع العساكر وتوجّه إلى الشام فحصرها وذلك في شعبان من السنة المقبلة، وهرع إليه الأُمراءُ، وتعصّب أهل الشام لمنطاش فما أفاد، ودامت الحرب بينهما مدة إلى أَن هُزِم منطاش - وقد تقدّم بيان ذلك في الحوادث مفصلا - ووصل في تلك السنة إلى حلب، وقرّر أمْرَ البلاد ونُوابَها، ورجع إلى القاهرة في المحرم سنة أربع وتسعين،


(١) "الغيبة" وفي هـ.