للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستقرت قدمه في المملكة إلى أن مات على فراشه في ليلة النصف من شوال سنة إحدى وثماني مائة.

وعهد بالسلطنة إلى ولده فرج - وله يومئذ عشر سنين - لأنه وُلد عند خروجه من الكرك، ولذلك سماه ذا الاسم، ويقال إنه (١) بلغ ستين سنة.

* * *

ومن آثاره المدرسة القائمة (٢) بين القصرين لم يتقدم بناء مثلها في القاهرة، وسلك في ترتيب من قرره بها مسلك شيخون في مدرسته، فرتب فيها أربعة من المذاهب وشيخَ تفسير وشيخ إقراءِ وشيخ حديث وشيخ ميعاد بعد صلاة الجمعة، إلى غير ذلك.

ومن آثاره عمل جسر الشريعة وانتفع به المسافرون كثيرًا.

وأبطل ضمان المغاني بعدّة بلاد، وكان الأشرف أبطله من الديار المصرية، وأبطل مكس القمح بعدّة بلاد.

وكانت مدةُ استقلاله بأمور المملكة - من غير مشارك - تسعَ عشرةً سنة وأشهرًا، ومدةُ سلطنته ستَّ عشرة سنة ونحو نصف سنة.

* * *

وكان شهما شجاعًا ذكيا خبيرًا بالأمور إلَّا أنه كان طماعاً جدا بحيث لا يُقَدِّم على جمع المال شيئًا، ولقد أفسد أحوال المملكة بأخذ البَدَل على الولايات في وظيفة القضاء والأمور الدينية.

وكان جهوري الصوت، كبير اللحية، واسع العينين، عارفًا بالفروسية خصوصا اللعب بالرمح، وكان يحب الفقراء ويتواضع لهم، ويتصدق كثيرًا لا سيما إذا مرض، وأبطل في ولايته كثيرا من المكوس، منها: ما كان يؤخذ من أهل البرلس (٣) وما حولها - وهو في


(١) أي برقوق.
(٢) في ز "الفائقة".
(٣) أشار محمد رمزى في القاموس الجغرافي، ق ٢، ج ٢، ص ٣٣ - ٣٤ إلى أنها من الثقور المصرية القديمة وقد أصبحت تسمى بالبرج، وهي واقعة على شاطيء البحر الأبيض المتوسط بين دمياط ورشيد.