للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكنت رأيت في هذه السنة أَننى دخلت مدرسته وهو يصلى الظهر فأَحس بي داخلًا فتمادى في الركوع فأَدركت معه صلاة الظهر فعبرتها عليه فقال لي: (يحصل لك ظهور كبير" قلت: "وبقية المنام أَنك تأَخرت لي حتى أَدركتك فأَخذت عنك وأَذنت لي فأَقر ذلك، وكان الأمر كذلك، وكانت آلة الاجتهاد في الشيخ كاملة إلَّا أَن غيره (١) في معرفة الحديث أَشهر، وفى تحرير الأَدلة أَمهر.

وكان عظيم المروءة جميل المودة كثير الاحتمال مهيبا مع كثرة المباسطة لأَصحابه والشفقة عليهم والتنويه بذكرهم، وله نظم كثير شائع نازل الطبقة جدا، وأَقبل على عمل المواعيد بآخره وكان يحصل له فيها خشوع وخضوع. قال (٢) ابن حجى: "وكان أحفظ الناس لمذهب الشافعي واشتهر بذلك وطبقة شيوخه موجودون. قدم علينا دمشق قاضيا وهو كهل فبهر الناس بحفظه وحسن عبارته وجودة معرفته، وخضع له الشيوخ في ذلك الوقت فاعترفوا بفضله، ثم رجع وتصدّى للفتيا فكان معول الناس عليه في ذلك، وكثر طلبته فنفعوا وأَفتوا ودَرَّسوا وصاروا شيوخ بلادهم وهو حيّ"، قال: "وله اختبارات في بعضها نظر، وله نظم وسط وتصانيف كثيرة لم تتم، يبدأ كتابا فيصنَّف منه قطعة ثم يتركه، وقلمه لا يشبه لسانه".

مات في عاشر ذي القعدة وكثر أَسف الناس عليه، بلغتنى (٣) وفاته وأَنا مع الحجيج بعرفة فعملت فيه مرثية تزيد على مائة بيت وهى مشهورة، وعاش إحدى وثمانين سنة وربع سنة. رحمه الله تعالى.

٢٢ - عميد (٤) بن عبد الله الخرسانى الحنفى قاضى تمرلنك، مات بعد رجوعه من الروم في هذه السنة.


(١) أمامها في هـ بخط الناسخ "كما أن المصنف كان أمير المؤمنين في علم الحديث".
(٢) عبارتا ابن حجى واردتان في غير هذا الموضع في ظ.
(٣) عبارة "بلغتنى وفاته ..... وهي مشهورة" غير واردة في ظ.
(٤) في ز، هـ "عمر"، وقد سمته الشذرات ٧/ ٥٢ بعميد نقلا عن ابن حجر: انظر أيضا الضوء اللامع ٤/ ٤٦١.