وفيها زاد فساد مماليك السلطان وأَضرّوا بالمسلمين جدا واستلبوا النساءَ من الحمامات والصبيانَ من الطرقات للفساد بهم.
وفيها وصل الذين جُرّدوا إلى الإسكندرية - بسبب الفرنج - سالمين.
* * *
وفيها نازل الفرنج طرابلس فأَقاموا عليها ثلاثة أَيام، فبلغ ذلك نائب الشام فنهض إليهم مسرعًا فانهزموا وأَوقع بهم، وكان ذلك مبدأ سعادته؛ ثم توجّه الفرنج إلى بيروت وكانوا في نحو أَربعين مركبا فواقعهم دمرداش ومَن معه من الجند والمطوّعة، وقُتل بعض الناس من الفريقين وجرح الكثير، وكان نائب الشام ببعلبك فجاءه الخبر فتوجّه من وقته وأَرسل إلى العسكر يستنجده ومضى على طريق صعبة مشقة إلى أَن وصل إلى طرابلس في العشرين من المحرّم، ثم توجّه من فوره إلى بيروت فوجدهم قد نهبوا ما فيها وأَحرقوها، وكان أَهلها قد هربوا إلى الجبال إلَّا المقاتلة منهم، فوقع بين الفريقين مقتلة عظيمة، فأَمر النائب بإحراق قتلى الفرنج، ثم توجّه إلى صيدا وتبعه العساكر فوصل إليها وقد أَخذ الفرنج من البهار الذي للكتلان شيئًا كثيرًا، فوصل النائب بالعسكر فوجدهم في القتال مع أَهل صيدا ولم يتقدمه أَحد، بل كان معه عشرة أنفس لا غير فحمل على الفرنج فكسرهم ففروا إلى مراكبهم وكرّوا راجعين إلى ناحية بيروت، ثم نزلوا لأَخذ الماء فمانعهم بعض أَصحاب النائب فغلبوه على الماء وأَخلوا حاجتهم وتوجهوا إلى جهة طرابلس. ثم مروا منها إلى الماغوصة فركَّزَ النائب طائفة بصيدا وطائفة ببيروت وتوجّه إلى دمشق، وكانت مدة غيبته دون نصف شهر.
ولما رجع لاقاه الناس فلام القضاة على تأَخُّرهم عن الغزاة، فأَجابه الحنفى بجواب أَغضبه فأَهانه واستهزأَ به.