للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفيها في (١) ليلة الرابع عشر من المحرّم توقف (٢) النيل بمصر عدة أَيام، فاتفق (٣) خسوف القمر بتمامه وهو في برج الدلو بحيث لم يبق من ضوئه شيء أصلًا، فاستشعر الناس عدم الزيادة، فأُمر الخطباء أَن يستسقوا في الخطب ففعلوا، فزاد في الجمعة التي يليها واطمأَنّ الناس بعد أَن اضطربوا، ثم توقَّف؛ فمضت مسرى من شهور القبط ولم يوفِ، ثم نزل إصبعين في أَيام النسيم ثم إصبعين، فبادرو (٤) في أَول يوم من توت - وهو في العشرين من صفر - وخلَّقوا المقياس وكسروا السدّ بغير وفاء، ثم لم يزد ذلك سوى نصف ذراع، ثم انهبط دفعة واحدة فلم يصبح في الخلجان ماء، وشرق (٥) غالب البلاد وذُعر الناس بسبب ذلك، وذلك في صفر. وخرج القاضي جلال الدين ماشيًا إلى الجامع الأَزهر بعد الظهر فاستمرّ فيه إلى العصر في الدعاء والتضرّع والقراءة، وانضم إليه جَمْع جم قبل ذلك، فبلغ ذلك القضاةَ وشيوخَ الخوانق فاستمروا إلى قرب المغرب، وذلك في تاسع صفر.

ثم توجّه إلى الآثار يوم السبت ثالث عشر صفر فوضعها على رأْسه وهو واقفٌ في المحراب يتضرّع ويبكى ويدعو، ثم رجع في أَول الأَول ربيع ووقع الغلاء في القمح، واشتد الأَمر وشرق غالب البلاد، وقدّر الله تعالى أَن الذي وقع فيه الريّ من البلاد زكت الأَرض بالزرع حتى جاءَ الفدان الواحد من الشعير بالفيوم واحدًا وسبعين إردبًا بكيل الناحية، يكون بالكيل المصرى مائة إردب، وجاء الفدان في غير الفيوم بثلاثين إردبا إلى عشرة


(١) عبارة "في ليلة الرابع عشر من المحرم" غير واردة في ظ، ويلاحظ أن الأخبار المتعلقة بفيضان النيل في هذه السنة وردت في أماكن متفرقة من ظ، واعتمدنا في إيرادها بالمتن على الصورة التي جاءت بها في بقية النسخ الأخرى المذكورة في هذا الجزء من التحقيق.
(٢) راجع في وصف هذا الانخفاض عقد الجمان ٣/ ١٩٨، والنجوم الزاهرة ١٢/ ٣٠١.
(٣) وردت هذه العبارة في هامش ١٨٣ أ في ظ بصورة أخرى هي: "فاتفق أن خسف القمر في ليلة الرابع عشر خسوفًا تاما بحيث لم يبق من ضوئه شيء".
(٤) الوارد في السلوك ٥٢ ا" السبت ١٨ - ٢٥ مسري" ولعلها ٢٩ مسرى، على أَنه ورد في التوفيقات الإلهامية، ص ٤٠٣، قوله: "في هذه السنة توقف النيل عن الزيادة إلى ثالث أَيام النسيء ثم نقص ولم يف"، كما أنه يستفاد من نفس المرجع أن ليلة ١٤ محرم سنة ٨٠٦ هـ توافق التاسع من مصرى سنة ١١١٩ ق.
(٥) عبارة "وشرق غالب البلاد" غير واردة في ظ.