ودخل يشبك ومن معه وطائفته ليلًا إلى القاهرة فتوزعوا في البيوت، ورَجعَ شيخ ومَن معه لما رأَوا ذلك إلى دمشق، وخلص الخليفة والقضاة وغيرهم فتوجّهوا إلى منازلهم، وذلك بعد أَن وقع القتال بينهم تحت القلعة من جهةِ دارِ الضيافة، فحاصر إينال حطط وجمق وأَسن بيه ويلبغا الناصري والحمزاوى. وقُتل في هذه الكائنة صُرق، وأُسِرَ معهم من الخليقة والقضاة والجند، ثم أَمرَ السلطانُ بحبس الأُمراء الذين خامروا بالإسكندرية.
ولما فرّ الأمراء أُحيط على موجودهم، فقُرر على مباشرى يشبك: مائةُ أَلف دينار، وعلى مباشري سودون الحمزاوى: ثلاثون ألفًا، وكان جملةُ مَن فرَّ من المماليك مائتي نفسٍ من المُنَزَّلين في ديوان السلطان.
* * *
وفى أَول هذه السنة حاصر دمرداش نائبُ حَلب - أَنطاكيةَ وبها فارسُ بن صاحب الباز التركماني وأَقام مدة ولم يظفر منها بطائل، وكان جكم مع فارس فتوجّه جكم بعده إلى طرابلس فغَلب عليها وطَرد عنها نائبهَا وهو شيخ السليماني، ثم توجّه إلى حلب فنازلها دمرداش - وذلك في شعبان - فالتقيا وجرى بينهما قتالٌ كبير، فانكسر دمرداش وخَرَج من حلب فركب البحْر إلى القاهرة وملكها جكم، ودخل من باب أنطاكية، ثم خرج إلى جهة أَلبيرة فقطع الفرات وأَوقع بالتركمان وغلبهم وأَسر منهم جمعا كثيرا، ورجع في سلخ شعبان ثم توجّه إلى طرابلس ثم إلى دمشق.
وفيها في جمادى الأُولى زلزلت مدينة حلب زلزلةٌ عظيمةٌ ففزع الناس لها ولجأُوا إلى الله تعالى فسكنت، ثم عاودت مرارًا ولم تُفْسِد شيئًا ولله الحمد.
* * *
وفيها توجه شهاب الدين بن كيدغدى رسولًا إلى اللنك من المصريين واتفقت وفاتُه بحلب في ليلة السبت رابع عشر ربيع الآخر من هذه السنة، وكان الغلاءُ قد اشتدّ بها فخرجوا