للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد أشار صاحب ماردين على جكم بالتأنى وقْتَ القتال فخالفه حتى تَلِفَتْ أرواحهم؛ وبلغني أن التركمان قطعوا أعضاءه وأرسلوا كل عضوٍ إلى ناحية افتخارًا بقَتْله لشدة بأسه وهيبته في قلوب التركمان والعرب، ثم أرسلوا برأسه إلى القاهرة في السنة الآتية، ولما بلغ الناصر ذلك فرح وأمَر بضرب البشائر ثم أُحْضِرت الرأس فطيف بها في الأسواق وعُلِّقَتْ على باب زويلة وزُيّن البلد أياما وذلك في الثاني عشر من المحرم في السنة المقبلة.

وكان جكم من مماليك الظاهر؛ وأول ما أُعْطِى تقدمةً بعد هزيمة أيتمش من القاهرة، واستقرَّ رأس نوبة كبيرًا ثم استقر دويدارًا كبيرًا بعد أن بارز يشبك بالعداوة، فانتصر عليه وحبس يشبك، ثم في سنة أربع انهزم جكم وسُجن بقلعة المرقب وراح جكم كأنْ لم يكن، وكانت مدة سلطنته بدعواه قدْرَ (١) شهرين، وكان شجاعًا بطلًا يحب العدل والخير إلَّا أنه كان مقدامًا على سفْكِ الدماء فكان يُهاب لذلك؛ وقد كان ابن قرايلك يظن أنه لا يقف في وجهه ولا يجسر على قتاله.

* * *

وفي ذي القعدة بعث شيخ إلى نابلس جيشًا فقبضوا على عبد الرحمن بن المهتار وأحضروه له إلى صفد فقُتل بحضرته، وكان المذكور (٢) قد عصى بآخره على الناصر واتفق مع نوروز فأرسله إلى نابلس فصادر أهلها وبالغ في ظلمهم، فكانت تلك عاقبته.

وفى أوائل ذى القعدة خرج شيخ من صفد ومَن معه فوصل إلى قاقون (٣) فهرب منه الحمزاوى إلى غزة، فاجتمع هو ومَن بها من الأمراء، ووقعت الوقعة عند حلبين، فقُتل في المعركة إينال باى بن قجماس ويُقال بل قتل بين يَدىْ شيخ صبرًا، وقُتِل في المعركة


(١) علق مطالع نسخة ز في الهامش على ذلك بقوله " … مدة سلطنته تزيد على خمسة أشهر على ما فصله، فتدبر"، انظر في ذلك ٨٣٩. Wiet : Les Biographies du Manhal Safi No
(٢) يقصد بذلك عبد الرحمن بن المهتار.
(٣) حصن قرب الرملة وكان يعتبر من أعمال قيسرية على ساحل الشام، انظر ياقوت المعجم ٤/ ١٨، ومراصد الاطلاع ٣/ ١٠٥٩.