للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقاهرة: "من ظُلِم فعليه بباب جكم"، واستبد بأحوال المملكة إلى أن نافره سودون طاز فثارَتْ بينهما الفتنة في شوال سنة (١) ...... وكان لهم وقعة في أواخر السنة ففرّ جكم ونوروز ثم عاد نوروز إلى الطاعة، وأُحيط بجكم فسُجِن بالإسكندرية هو وسودون طاز، ثم اتَّفق أنه هرب إلى شيخٍ نائبِ دمشق فأقام عنده إلى أن كانت وقعة يشبك مع الناصر حتى كانت وقعة السّعيدية، فلمّا كان من انهزام الناصر منها - وذلك في ذى الحجة سنة سبعٍ - انْعزل يشبك وأتباعه واختفوا بالقاهرة ورجع شيخ وأتباعه إلى دمشق، وليس لذلك سبب إلَّا تعاظم جكم وتصريحه بإرادة السلطنة لنفسه فنافسوه في ذلك وخذلوه.

ثم اتفق جكم وشيخ وحاربا نوروز وكان الناصر قد جعله نائبَ الشام، ثم كتب الناصر لجكم بنيابة حلب فدخلها وقتل بها جماعة، فانحرف شيخ عنه لكوْنه تمالأ مع نوروز عليه، ثم أخذ حكم أنطاكية ثم واقع (٢) نعيرا فهزمه وغنم شيئًا كثيرًا ثم قتل نعيرًا بعد ذلك.

ثم ولَّى الناصر دمرداش نيابة حلب فسار هو وشيخ ومعهم العجل بن نُعَير فقاتلهم جكم بالرَّسْتن (٣) فهزمهم، فرجع شيخ إلى بُصْرى (٤) ونوروز إلى دمشق فسار الناصر إلى قتال جكم ففرّ إلى ألبيرة (٥)، فدخل الناصر حلب ثم عاد إلى دمشق فرجع جكم وملك حلب؛ وأراد النَّاصر الرجوع إلى حلب فخالفه العسكر وتفرّقوا فقوى جانب جكم وتسمى بالسلطنة، وتلقَّب "العادل"، ورَتَّب المملكة، وضرب السكة باسمه، وخُطب له بحلب، وأطاعه نوروز ولبس خلعته وقبل له الأرض وخَطب باسمه.

وأقام حكم الحرمة ونشر العدل، وكان عظيم المهابة زائدًا على الحد وقوي جدًّا، واستخف بأمر الناصر، وخرج لمحاربة التركمان ليستريح خاطره منهم إذا قصد مصر


(١) فراغ في جميع الأصول.
(٢) في ز "فواقعه".
(٣) بليدة قديمة بين حماة وحمص وكانت على نهر العاصي.
(٤) بصرى - بالضم والقصر - تطلق على موضعين أحدهما بالشام، وكانت قصبة حوران وتعرف في المراجع الغربية باسم Bostra وهي قديمة جدا وتبعد عن دمشق قرابة أربع مراحل.
(٥) سبق التعريف بها، انظر ص ٣٥٦، حاشية رقم ٤.